اما الوجه الأول: فقد حكاه الشيخ (رحمه الله) في رسائله عن صاحب الفصول، فذكر أنه قال: " ان الرواية تدل على أصلين:
أحدهما: ان الحكم الأولي للأشياء ظاهرا هي الطهارة مع عدم العلم بالنجاسة، وهذا لا تعلق له بمسألة الاستصحاب.
الأصل الثاني: ان هذا الحكم مستمر إلى زمن العلم بالنجاسة، وهذا من موارد الاستصحاب وجزئياته ".
وأورد عليه الشيخ (رحمه الله): بان المشار إليه في قوله: " هذا الحكم ".
ان كان هو الحكم الظاهري المستفاد من الرواية. ففيه:
أولا: ان استمرار هذا الحكم، وهو الحكم بالطهارة عند عدم العلم بالنجاسة. ليس مغيى بالعلم بالنجاسة بل مغيى بنسخ الحكم في الشريعة.
وفيه ثانيا: ان الغاية المذكورة في الرواية يمتنع ان تكون غاية لكلا الحكمين، لان الحكم بالاستمرار متأخر عن الحكم بالطهارة لتفرعه عليه، لان الحكم بأصل الطهارة موضوع للحكم بالاستمرار، فإذا جعلت الغاية غاية للحكم بأصل الطهارة امتنع ان تجعل غاية للحكم بالاستمرار، فإنه يستلزم استعمال اللفظ في معنيين طوليين، وهو واضح الامتناع.
وان كان المشار إليه هو الحكم الواقعي، كان مفاد الرواية ان الطهارة إذا ثبتت واقعا في زمان، فهو مستمر ظاهرا إلى زمان العلم بالنجاسة، فينحصر مفاد الرواية في الاستصحاب، ولا تفيد حينئذ قاعدة الطهارة كما ذهب إليه. هذا محصل ايراد الشيخ عليه ببعض توضيح (1).
أقول: ان ما ذهب إليه صاحب الفصول انما هو بعد الفراغ عن أمرين:
أحدهما: عدم الجامع بين قاعدتي الطهارة والاستصحاب، لما ذكر الشيخ