الناس يستعملونها لإفادة حصص المعاني وتضييقاتها في عالم المعنى، غافلين عن وجود تلك المعاني في الخارج أو عدم وجودها، وعن إمكان تحقق النسبة بينها أو عدم إمكانها.
ودعوى: إعمال العناية في جميع ذلك يكذبها صريح الوجدان والبداهة كما لا يخفى، فهذا يكشف قطعيا عن أن الموضوع له الحرف ذلك المعنى لا غيره.
الأمر الثالث: أن معانيها جميعا حكائية، ومع ذلك لا تكون إخطارية، لأن ملاك إخطارية المعنى الاستقلالية الذاتية في عالم المفهوم والمعنى، وهي غير واجدة لذلك الملاك، وملاك حكائية المعنى نحو من الثبوت في عالم المعنى هي واجدة له، فلا ملازمة بين عدم كونها إخطارية وكونها إيجادية كما عن شيخنا الأستاذ (1) (قدس سره).
الأمر الرابع: في نقاط الامتياز بين رأينا وسائر الآراء:
يمتاز رأينا عن القول بأن معاني الحروف إيجادية في نقطة واحدة، وهي: أن المعنى الحرفي على ذلك الرأي ليس له واقع في أي وعاء، ما عدا التراكيب الكلامية. وأما على رأينا فله واقع، وهو عالم المفهوم وثابت فيه كالمعنى الاسمي، غاية الأمر بثبوت تعلقي لا استقلالي.
ويمتاز عن القول بأن الحروف وضعت بإزاء النسب والروابط في نقطة واحدة أيضا، وهي: أن المعنى الحرفي على ذلك الرأي سنخ وجود خارجي، وهو وجود لا في نفسه، ولذا يختص بالجواهر والأعراض، ولا يعم الواجب والممتنع. وأما على رأينا: فالمعنى الحرفي سنخ مفهوم ثابت في عالم المفهومية، ويعم الواجب والممكن والممتنع على نسق واحد.
ويمتاز عن القول بأن الموضوع لها الحروف هي الأعراض النسبية في نقطتين: