في غير المعنى الموضوع له بعناية من العنايات الخارجية. فإذا صح ذلك فكيف لا يصح هذا، مع أنه من الغلط الواضح، بل لو تكلم به شخص لرمي بالسفه والجنون؟!
وعلى ضوء بياننا هذا يتضح لك جليا: أن المعنى الحرفي والاسمي ليسا بمتحدين ذاتا، ولا اشتراك لهما في طبيعي معنى واحد، بل هما متباينان بالذات والحقيقة، فإن هذا هو الموافق للوجدان الصحيح، ولأجله لا يصح استعمال أحدهما في موضع الآخر.
ويرد على النقطة الثانية: أن لازمها صيرورة جملة من الأسماء حروفا لمكان ملاك الحرفية فيها، وهو لحاظها آلة ومرآة: كالتبين المأخوذ غاية لجواز الأكل والشرب في قوله تعالى: * (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض...
الآية) * (1) فإنه قد اخذ مرآة وطريقا إلى طلوع الفجر، من دون أن يكون له دخل في حرمة الأكل والشرب وعدمها، فبذلك يعلم: أن كون الكلمة من الحروف لا يدور على لحاظه آليا (2).
وبتعبير آخر: إذا كان الملاك في كون المعنى حرفيا تارة واسميا أخرى هو اللحاظ الآلي والاستقلالي، وكان المعنى بحد ذاته لا مستقلا ولا غير مستقل، فكل ما كان النظر إليه آليا فهو معنى حرفي، فيلزم محذور صيرورة جملة من الأسماء