الحمل، كما أنه بهذا الاعتبار يعبر عن جهة الاشتراك بالجنس، وعن جهة الامتياز بالفصل. وهذا مرادهم من لحاظهما لا بشرط.
فتبين: معنى اتحاد الجنس والمادة والفصل والصورة بالذات والحقيقة، واختلافهما بالاعتبار واللحاظ. كما أنه تبين من ذلك: معنى اتحاد جهتي الاشتراك والامتياز وجودا وعينا، وأنهما حيثيتان واقعيتان اختلفتا مفهوما ولحاظا، واتحدتا عينا وخارجا.
وعلى هذا الضوء يتضح لك الفرق بين الجنس والفصل والعرض وموضوعه، فإن التركيب بين الأولين حقيقي، ولهما جهة واحدة بالذات والحقيقة كما عرفت، والتركيب بين الأخيرين اعتباري، والمغايرة حقيقية، وذلك لاستحالة التركيب الحقيقي بين العرض والجوهر من جهة فعلية كل واحد منهما خارجا، وهي تمنع عن حصول الاتحاد بينهما واقعا.
وعلى نهج هذه النقطة الرئيسية للفرق بين العرض وموضوعه، والجنس والفصل قد ظهر أمران:
الأول: أن ما ذكره الفلاسفة: من أن جهتي الاشتراك والامتياز إن لوحظتا لا بشرط صح الحمل، وإن لوحظتا بشرط لألم يصح فهو صحيح.
أما بالنسبة إلى النقطة الأولى من كلامهم فلمكان ملاك الحمل، وهو الاتحاد والهوهوية.
وأما بالنسبة إلى النقطة الثانية منه فلمكان المغايرة بين المادة بدرجتها الخاصة والصورة كذلك، فإن الدرجتين بما هما درجتان متباينتان حقيقة فلا ملاك للحمل، وإن كانتا مشتركتين في وجود واحد والوجود الواحد شامل لهما معا فهاتان الحيثيتان - حيثية اتحاد المادة مع الصورة وحيثية مغايرتها معها - حيثيتان واقعيتان لهما مطابق في الخارج، وليستا بمجرد اعتبار لا بشرط وبشرط لا ليقال:
كما أن اعتبار لا بشرط لا يجدي مع المغايرة ولا ينقلب الشئ به عما كان عليه