منهما: أن كل شخص فرض متلبسا بالزنا أو السرقة فهو محكوم عليه بجلده أو بقطع يده، فالمشتق في كلتا الآيتين استعمل في المتلبس، وهو تمام الموضوع للحكم المذكور فيهما، وقد ذكرنا (1) غير مرة أن الموضوع في القضايا الحقيقية لا بد من أخذه مفروض الوجود في الخارج.
ومن هنا ترجع كل قضية حقيقية إلى قضية شرطية مقدمها وجود الموضوع، وتاليها ثبوت الحكم له، فالموضوع في الآيتين كل إنسان فرض متلبسا بالزنا أو السرقة في الخارج، فعنوان الزاني أو السارق مستعمل فيمن تلبس بالمبدأ.
غاية ما في الباب: أن زمان القطع والجلد متأخر في الخارج عن زمن التلبس بأحد المبدأين المزبورين، فإنهما يتوقفان على ثبوت التلبس بأحدهما عند الحاكم بأحد الطرق المعتبرة: كالبينة أو نحوها.
فقد تحصل: أن الاستعمال في المنقضي في القضايا الحقيقية غير معقول، بل يكون الاستعمال دائما في المتلبس.
وعلى هذا الضوء يظهر فساد ما ذكره بعضهم: من أن المشتق في الآيتين وما شاكلهما استعمل فيمن انقضى عنه المبدأ، وفي ذلك دلالة على أن المشتق وضع للأعم.
كما أنه يظهر بذلك: أنه لا وجه لما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) في مقام الجواب عن هذا الاستدلال: من أن الاستعمال فيها بلحاظ حال التلبس دون الانقضاء (2)، وذلك لما عرفت: من أن حالة الانقضاء في أمثال المقام لا تتصور ليكون الاستعمال بلحاظ حال التلبس دونها.
وهذا نظير قولك: الجنب أو الحائض يجب عليهما الغسل، فإن المراد بالجنب أو الحائض: هو كل إنسان فرض متلبسا بالجنابة أو الحيض خارجا فهو محكوم