نعم، إنه تعالى واجب لذاته، وغيره واجب بإرادته، والواجب لذاته وإن كان منحصرا بالله تعالى إلا أن هذه الجملة لم توضع بوضع واحد ليكون من الوضع للعام مع انحصار فرده في واحد.
وعلى الجملة: فلفظ الواجب مرادف لكلمة الثابت، فهو يصدق على الأمور التكوينية والتشريعية، وبزيادة كلمة الوجود إليه يعم جميع الموجودات من الواجب لذاته وبغيره، وبزيادة كلمة لذاته ينحصر بالله سبحانه فلا يشمل غيره، إلا أن ذلك أجنبي عن وضع لفظ بإزاء جامع ينحصر بفرد، فإن الانحصار فيه من ضم مفهوم إلى مفاهيم اخر، ومن باب تعدد المدلول بتعدد الدال.
والتحقيق في المقام: أن أسماء الأزمنة لم توضع بوضع على حدة في قبال أسماء الأمكنة، بل الهيئة المشتركة بينهما - وهي هيئة " مفعل " - وضعت بوضع واحد لمعنى واحد كلي، وهو ظرف وقوع الفعل في الخارج أعم من أن يكون زمانا أو مكانا. وقد سبق أن النزاع إنما هو في وضع الهيئة بلا نظر إلى مادة دون مادة، فإذا لم يعقل بقاء الذات في مادة مع زوالها لم يوجب ذلك عدم جريان النزاع في الهيئة نفسها التي هي مشتركة بين ما يعقل فيه بقاء الذات مع انقضاء المبدأ عنها وما لا يعقل فيه ذلك، وحيث إن الهيئة في محل البحث وضعت لوعاء المبدأ الجامع بين الزمان والمكان كان النزاع في وضعها لخصوص المتلبس أو الأعم نزاعا معقولا، غاية الأمر: أن الذات إذا كانت زمانا لم يعقل بقاؤها مع زوال التلبس عن المبدأ، وإذا كانت مكانا يعقل فيه ذلك. وقد عرفت: أنه لا مانع من وضع اللفظ للجامع بين الفرد الممكن والممتنع إذا تعلقت الحاجة بتفهيمه.
نعم، لو كانت هيئة اسم الزمان موضوعة بوضع على حدة لخصوص الزمان الذي وقع فيه الفعل لم يكن مناص من الالتزام إلا بخروج اسم الزمان عن النزاع.
الأمر الثاني (1): قد سبق أن المصادر المزيد فيها، بل المصادر المجردة