أحدهما: ما كان راجحا في نفسه: كالأدعية الواردة في أيام وليالي شهر رمضان، فإنها وإن كانت مقترنة مع الواجب كالصوم أو نحوه وذات رجحان في نفسها، إلا أنها أجنبية عنه وغير موجبة لمزية فيه.
الثاني: ما لم يكن له رجحان في نفسه أيضا: كنزول المطر - مثلا - مقارنا للصلاة أو نحوها، أو لا يكون كذلك، بل لها دخل في الواجب بنحو من أنحاء الدخل، وهذا على أقسام:
القسم الأول: ما هو خارج عن طبيعي الواجب، فلا يكون جزءه ولا قيده، ولكنه من خصوصيات الفرد، ويوجب مزية فيه، وذلك كعنوان الجماعة والمسجد والقنوت ونحو ذلك، فإن طبيعي الواجب باق على ما هو عليه من المصلحة فلا تزيد ولا تنقص باختلاف تلك الخصوصيات، غاية الأمر تطبيقه على الفرد الواجد لها أولى من تطبيقه على الفرد الفاقد.
ومن هنا ورد: أن الصلاة فريضة والجماعة مستحبة، وهذا لا بمعنى أن الجماعة ليست من أفراد الواجب، بل بمعنى: أن الصلاة جماعة حيث كانت واجدة لهذه الخصوصيات، فتطبيق الصلاة عليها مستحب.
القسم الثاني: ما يكون له دخل في الواجب بنحو الشرطية، والضابط في الشرط هو أن يكون تقيد الواجب به داخلا في حقيقته والقيد خارجا عنها. ومن هنا يظهر أن التقيد لا بد أن يكون اختياريا للمكلف، سواء أكان القيد أيضا اختياريا كالطهارة وما شاكلها أم لم يكن كالقبلة ونحوها.
القسم الثالث: ما يكون له دخل في الواجب بنحو الجزئية، والضابط في الجزء أن يكون الشئ بنفسه متعلقا للأمر ومقوما لحقيقة الواجب.
وبعد ذلك نقول: لا إشكال في دخول الأجزاء في محل البحث، كما أنه لا إشكال في خروج ما عدا الأجزاء والشرائط عنه. وأما الشرائط نفسها فربما قيل بخروجها عن حريم النزاع (1)، ولكن قد تقدم فساده.