مراد لا محالة، بداهة لزوم سبق الإرادة على الفعل الاختياري في تمام الموارد.
فهذه الدلالة من دلالة المعلول على علته، وهي أجنبية عن دلالة الألفاظ على معانيها بالكلية.
ومن هنا قد أجاب شيخنا المحقق (قدس سره) عن الإشكال بجواب آخر، وإليك نصه:
التحقيق: أن المفهومين المتضايفين ليسا متقابلين مطلقا، بل التقابل في قسم خاص من التضايف، وهو ما إذا كان بين المتضايفين تعاند وتناف في الوجود: كالعلية والمعلولية، والأبوة والبنوة مما قضى البرهان بامتناع اجتماعهما في وجود واحد، لا في مثل: العالمية والمعلومية والمحبية والمحبوبية، فإنهما يجتمعان في الواحد غير ذي الجهات كما لا يخفى. والحاكي والمحكي والدال والمدلول كاد أن يكون من قبيل القسم الثاني، حيث لا برهان على امتناح حكاية الشئ عن نفسه كما قال (عليه السلام): " يا من دل على ذاته بذاته " (1)، وقال (عليه السلام): " وأنت دللتني عليك (2) " (3).
ولكن لا يمكن المساعدة عليه أيضا، وذلك لأن ما أفاده (قدس سره): من أن التقابل في قسم خاص من التضايف لا في مطلق المتضايفين وإن كان صحيحا إلا أنه أجنبي عن محل كلامنا هنا بالكلية، فإنه في دلالة اللفظ على المعنى، وهي قسم خاص من الدلالة التي لا يمكن أن تجتمع في شئ واحد، لما بيناه: من أن حقيقة تلك الدلالة: عبارة عن وجود اللفظ وحضوره في ذهن المخاطب أولا، وحضور المعنى ووجوده فيه بتبعه ثانيا، فكل مخاطب بل كل سامع عند سماع اللفظ ينتقل إلى اللفظ أولا، والى المعنى ثانيا، فحضور اللفظ علة لحضور المعنى. ومن البين