هذا العنوان بأي جهة كان، فيشمل كل من ارتكب مظلمة من المظالم الثابتة أو المتصرمة وحيث إن المتصرمة منها علة لحدوث المحرومية من دون ان تكون في بقائها دائرة مدارها كما عرفت وجهه، فالثابتة منها أيضا كذلك بطريق أولى، ومما يدل على كون اللام في المقام للاستغراق لا للعهد ان العهد انما يتمشى احتماله فيما إذا كان الاخبار بما وقع في الحال أو المضي، وفيما نحن فيه ليس كذلك، فان المخاطب بهذا الكلام هو إبراهيم الخليل (ع) وقد خوطب به قبل أن يوجد الظالمون من ذريته ويرتكبوا المظالم، فيكون ظاهر الآية محرومية كل من يوجد ويصدق عليه هذا العنوان، ويؤيد ذلك عظم قدر الإمامة وجلالته، بحيث لا يناسب ان تبذل لمن صدر عنه الظلم ولو قبل تقمصه بها.
(تبصرة) مما يدل عليه الآية الشريفة هو ان الإمامة من المناصب المفاضة من قبل الله تعالى وان تعيين الامام بيده. والدال على هذا المعنى موارد من الآية الشريفة، (من ذلك) قوله في صدرها (انى جاعلك للناس اماما) حيث دل على أن الجاعل والمعين لمستحقها هو الله (الله اعلم حيث يجعل رسالته). (ومن ذلك أيضا) كلمة عهدي الدالة على أن الإمامة عهد وميثاق بين الله وبين أحد من خلقه وليس مجعولة بصرف اجتماع أراذل الناس وأهل الهوى. (ومن ذلك) قوله: (ومن ذريتي) حيث استدعى إبراهيم من الله تعالى جعل الإمامة في ذريته فتبصر.
(تذكرة) اعلم أن في جميع تلك الوجوه التي مرت لاستعمال المشتق، ان كان اجرائه على الذات وتطبيقه عليها باعتبار زمن تلبسها بمبدئه كان حقيقة وان كان هذا الزمان مقدما على زمان النطق أو مؤخرا عنه، وان كان الاجراء والتطبيق باعتبار الزمن الواقع بعد التلبس أو قبله كان مجازا وان كان هذا الزمان عبارة عن زمان النطق، فالمراد بالحال في عنوان المسألة حال الجرى والتطبيق لا حال النطق، وعلي هذا فان حملنا المشتق على الذات بعد انقضاء المبدء عنها وأثبتنا الحكم المعلق عليه لهذه الذات بعد الانقضاء لا يكون هذا الاثبات وذاك الحمل دليلين لقول الأعمى، لاحتمال أن يكون الحمل بلحاظ حال التلبس واثبات الحكم بعد انقضاء المبدء من جهة كون الحكم دائرا مدار صدق المشتق حدوثا لابقاء كما في آيتي حد الزنا والسرقة كما تقدم فتذكر.