بوحدة السبب مثلا وحدة الحكم حصل التعارض بين الكلامين لظهور الأول في كون نفس حيثية الطبيعة تمام الموضوع وظهور الثاني في خلافه، غاية الامر انه يجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد أو حمل المقيد على أفضل الافراد، والأول أقوى كما يساعد عليه العرف فتخصيص بعضهم حمل المطلق على المقيد بصورة كونهما مختلفين في النفي والاثبات في غير محله (نعم) مورد التعارض والحمل كما أشرنا إليه ما إذا أحرز صدور الكلامين لبيان حكم واحد، والا فيعمل بظاهر كل منهما و يحملان على كونهما حكمين مستقلين لموضوعين مختلفين.
* (التنبيه الثاني) * قد عرفت أن معنى الاطلاق كون حيثية الطبيعة تمام الموضوع للحكم، وحينئذ فنقول:
ان نتيجة كونها تمام الموضوع تختلف باختلاف الاحكام المتعلقة بها، فان تعلق بها طلب الايجاد الذي هو مفاد الامر كانت النتيجة هي السريان والعموم البدلي، وان تعلق بها النهى كانت النتيجة السريان والعموم الاستغراقي، إذ الطلب إذا تعلق بنفس حيثية الطبيعة من دون ان يلحظ الوحدة أو السريان (كما هو مقتضى الاطلاق) كان مقتضاه وجوب ايجادها على المكلف من دون نظر إلى خصوصيات المصاديق، والطبيعة توجد بوجود فرد ما، فإذا وجدت الطبيعة بايجاد فرد أو فردين منها في عرض واحد سقط الامر بها قهرا لحصول الامتثال فلا تقع الافراد المتعقبة مصاديق للامتثال " وبالجملة " تعلق الامر بنفس حيثية الطبيعة يقتضى العموم البدلي، وهذا بخلاف ما إذا تعلق بها النهى فان مفاد النهى كما عرفت في محله ليس عبارة عن طلب الترك، بل المستفاد منه هو الزجر عن متعلقه، فالمتعلق لكل من امر والنهى ليس إلا نفس حيثية الطبيعة، والفرق بينهما ان الامر من مقولة الطلب والبعث، والنهى من مقولة الزجر، فمتعلق الامر على فرض وجوده يقع امتثالا له، ومتعلق النهى على فرض وجوده يقع عصيانا له، فإذا تعلق الزجر بنفس حيثية الطبيعة كان الغرض منه انزجار العبد من نفس حيثية الطبيعة وعدم تحققها منه في الخارج، فكل ما هو وجود للطبيعة يكون مزجورا عنه