(الثالثة) انتفاء القدر المتيقن في مقام التخاطب، والمراد من القدر المتيقن في مقام التخاطب أن يكون بعض افراد الطبيعة بحيث يتيقن المخاطب ويعلم تفصيلا بكونه مرادا اما بخصوصه واما في ضمن الجميع مع كون تيقنه لذلك بنفس القاء الخطاب لا بعد التأمل والتدبر، فحاصل المقدمة الثالثة عبارة عن عدم كون المتكلم عالما بان ذهن المخاطب مسبوق ببعض الخصوصيات وانه يحصل له بصرف القاء الخطاب إليه العلم بان البعض المعين مراد قطعا و موضوع للحكم جزما غاية الامر وقوع الشك بالنسبة إلى بقية الافراد، فإذا تحققت المقدمات الثلث علم منها ان ما ذكره المولى من الطبيعة المطلقة هي تمام الموضوع لحكمه والا لأخل بغرضه، والاخلال بالغرض ينافي الحكمة، وان انتفت واحدة منها بان لم يكن المولى بصدد بيان ما هو تمام الموضوع لحكمه، أو ذكر قرينة على التعيين، أو كان في البين قدر متيقن كذلك لما كان عدم إرادة الاطلاق ملازما للاخلال بالغرض، اما في الأوليين فواضح، واما في الثالثة فلان غرضه ان كان هو البعض المتيقن لما كان الاطلاق مخلا بهذا الغرض، إذ الفرض تيقن المخاطب بان هذا البعض المعين متيقن الإرادة فهو يعلم بما هو بالحمل الشايع تمام غرض المولى، والمولى أيضا أحرز ذلك من ناحية المخاطب، فليس الاطلاق منه اخلالا بالغرض لأنه بصدد بيان ما هو تمام الغرض بالحمل الشايع وقد بينه، لا بصدد بيان انه تمام كي يقال إنه أخل ببيانه، هذه خلاصة ما ذكر في تقريب مقدمات الحكمة.
(أقول): لا يخفى انه بناء على ما ذكره القوم من احتياج الاطلاق في مقام الثبوت إلى لحاظ السريان يصير المطلق عاما ويكون موضوع الحكم بحسب الحقيقة افراد الطبيعة، فان تمت المقدمات الثلاث يحرز بسببها للمخاطب ما هو تمام غرض المولى أعني الاطلاق و العموم، وان تم الأوليان وانتفى الثالثة بان كان في البين قدر متيقن ففي بادئ النظر يكون موضوعية الافراد المتيقنة معلومة وبقية الافراد مشكوكا فيها، ولكن هذا الشك بدوي ينقلب قهرا إلى العلم بكون البعض المتيقن تمام الغرض فيحرز التمام بما أنه تمام أيضا، ووجه ذلك أن المفروض بحسب المقدمة الأولى كون المولى بصدد بيان ما هو تمام الموضوع لحكمه من الجميع أو البعض، والمفروض بحسب المقدمة الثانية عدم