سواء أوجدها غيره أم لا، بخلاف الواجب الكفائي فان كل واحد منهم مكلف فيه بايجاد الطبيعة إذا لم يوجدها غيره (انتهى).
(أقول): وقد ظهر بما حققناه في الواجب الكفائي ان الامر بالعكس بمعنى ان مقتضى الاطلاق هو الحمل على الكفائية، وذلك لما عرفت من أن الفرق بين العيني والكفائي هو ان المطلوب والمتعلق للتكليف في الواجب الكفائي هو نفس الطبيعة المطلقة الغير المقيدة بصدورها عمن كلف بها، بخلاف الواجب العيني فان المكلف به فيه عبارة عن الطبيعة المقيدة بصدورها عن خصوص من كلف بها، و (ح) فمقتضى اطلاق المتعلق حمل الوجوب على الكفائية لاحتياج العينية إلى اعتبار قيد زائد (نعم) لا ننكر ان ظهور الامر المتوجه إلى المكلف يقتضى مطلوبية صدور الفعل على نفسه (وبعبارة أخرى) نحن نسلم ظهور الامر في العينية ولكن لا من جهة الاطلاق فان مقتضى اطلاق الحمل على الكفائية، بل من جهة ان المتبادر من الامر المتوجه إلى المكلف ان المطلوب هو صدور الفعل عن نفسه.
(التنبيه الثاني) إذا أتى بالطبيعة (المأمور بها كفاية) أكثر من واحد في عرض واحد فهل يكون فعل كل واحد منهم امتثالا مستقلا أو يكون المجموع امتثالا واحدا؟ (الأقوى) هو الأول، وذلك لما عرفت من أن كل واحد من المكلفين مأمور مستقلا بايجاد الطبيعة المطلقة، والمفروض فيما نحن فيه أن كل واحد منهم أتى بهذه الطبيعة المأمور بها، فلا محالة يكون ممتثلا من جهة اتيانه بما امر به، وقد مر في مسألة المرة والتكرار أيضا انه ان أتى المكلف في عرض واحد بأكثر من فرد واحد من الطبيعة المأمور بها يكون كل واحد من الافراد امتثالا على حدة لان كل واحد منها يكون وجودا مستقلا للطبيعة المأمور بها فلا وجه لعد الجميع امتثالا واحدا، بل الامر في هذه المسألة أوضح من مسألة المرة والتكرار، فإنه لاحد أن يقول في تلك المسألة بان الصادر عن المولى ليس إلا امر واحد فكيف يتعقل له امتثالات متعددة، و اما فيما نحن فيه فالصادر عنه أوامر متعددة بعدد المكلفين، والمفروض ان كل واحد منهم أتى بما كلف به أعني الطبيعة المطلقة التي تعلق بها الامر المتوجه إليه، و (ح) فلا وجه لان يعد جميع الأفعال الصادرة عنهم امتثالا واحد فتدبر.