الصريحة التي لا تجزي ولا يقع العتق بها فك الرقبة وإزالة قيد الملك، وفي صراحتهما نظر إذا قضى ما ورد التعبير بهما على سبيل الكناية عن العتق في الآيتين المتقدمتين، ولم يجعلوهما صريحين فيه، ولو سلمنا كونهما صريحين لالتزمنا بوقوعه بهما لعدم المانع منه شرعا.
وأما السائبة فهو المعتق يطلق على الذكر والأنثى. قال ابن الأثير في نهايته: قد تكرر ذكر السائبة والسوائب، كان الرجل إذا أعتق عبدا يقال هو سائبة فلا عقد بينهما ولا ميراث. ومعناه الحقيقي أنه لا ولاء لمعتقه عليه كما سيجئ مصرحا به في الأخبار.
واختلفوا فيما لو قال لأمته يا حرة وقصد العتق، ففي تحريرها بذلك وجهان بل قولان، منشأهما أن حرف الإشارة إلى المملوك غير معتبر بخصوصه وإنما الغرض به تميزه وهو حاصل بالنداء، وصيغة التحرير حاصلة بقوله حر أو ما في معناها ومن النداء عن شبه الانشاء لأن الأصل فيه عرفا صيغة الأخبار باللفظ الماضي، والجملة الإسمية في بعض الموارد كأنت حر، وغاية استعمال النداء فيه أن يكون كناية، والعتق لا يقع بها عندنا، وهذا هو الأقوى، ومن أوقعه بالكناية من العامة قطع بوقوعه في النداء بقصد الاعتاق قطعا ومع الاطلاق أو قصد النداء بالاسم على خلاف، بمعنى أنه لا يقبل منه دعوى النداء ظاهرا على أحد الوجهين. وأنت قد سمعت من الأخبار الواردة في هذه الصيغة إنما دل على الجملة الإسمية أو الفعلية الصريحتين في الانشائية، فكلما سواهما منحسر عن الاجزاء وإن قصد الانشاء، وعلى هذا بطل ما فرعوه من الخلاف فيما لو كان اسمها حرة أو اسمه حرا أو عتيقا فقال أنت حرة أو أنت حر أو عتيق ولم يدل دليل على قصد الانشاء.
أما لو قصد الانشاء فلا شبهة في وقوعه لصراحته فيه كما قد سمعت، وقد انضم إليه القصد فكان آكد. وإن قصد الأخبار باسمه دون الانشاء انتفى العتق باطنا قطعا وقبل قوله في عدم قصد العتق ظاهرا لاشتراك اللفظ بين معنيين، فهو مرجع صرفه إلى أحدهما كما في كل مشترك، فإن اشتبه الحال بموته أو غيره