الله تعالى يقال نصره من عدوه فانتصر، أي منعه منه فامتنع.
قوله تعالى * (وأصبح الذين تمنوا مكانه بالامس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشآء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون * تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا فى الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) *.
اعلم أن القوم الذين شاهدوا قارون في زينته لما شاهدوا ما نزل به من الخسف صار ذلك زاجرا لهم عن حب الدنيا ومخالفة موسى عليه السلام وداعيا إلى الرضا بقضاء الله تعالى وقسمته وإلى إظهار الطاعة والانقياد لأنبياء الله ورسله.
أما قوله: * (ويكأن الله) * فاعلم أن وي كلمة مفصولة عن كأن وهي كلمة مستعملة عند التنبه للخطأ وإظهار التندم، فلما قالوا: * (يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون) * (القصص: 79) ثم شاهدوا الخسف تنبهوا لخطئهم فقالوا: وي ثم قالوا: كأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده بحسب مشيئته وحكمته لا لكرامته عليه، ويضيق على من يشاء لا لهوان من يضيق عليه بل لحكمته وقضائه ابتلاء وفتنة قال سيبويه: سألت الخليل عن هذا الحرف فقال إن وي مفصولة من كان وأن القوم تنبهوا وقالوا متندمين على ما سلف منهم وي. وذكر الفراء وجهين أحدهما: أن المعنى ويلك فحذف اللام وإنما جاز هذا الحذف لكثرتها في الكلام وجعل أن مفتوحة بفعل مضمر كأنه قال ويلك اعلم أن الله، وهذا قول قطرب حكاه عن يونس الثاني: وي منفصلة من كأن وهو للتعجب يقول الرجل لغيره وي أما ترى ما بين يديك فقال الله وي ثم استأنف كان الله يبسط فالله تعالى إنما ذكرها تعجيبا لخلقه، قال الواحدي: وهذا وجه مستقيم غير أن العرب لم تكتبها منفصلة ولو كان على ما قالوه لكتبوها منفصلة، وأجاب الأولون بأن خط المصحف لا يقاس عليه، ثم قالوا: * (لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون) * وهذا تأكيد لما قبله.
أما قوله: * (تلك الدار الآخرة) * فتعظيم لها وتفخيم لشأنها يعني تلك التي سمعت بذكرها وبلغك وصفها ولم يعلق الوعد بترك العلو والفساد، ولكن بترك إرادتهما وميل القلب إليهما، وعن علي