السبعة القسم الأكثر، فإذا أريد بيان الكثرة ذكرت السبعة، ولهذا فإن المعدودات في العبادات من التسبيحات في الانتقالات في الصلوات ثلاثة، والمرار في الوضوء ثلاثة تيسيرا للأمر على المكلف اكتفاء بالقسم الأول، إذا ثبت هذا فنقول قوله عليه السلام: " المؤمن يأكل في معي والكافر يأكل في سبعة أمعاء " إشارة إلى قلة الأكل وكثرته من غير إرادة السبعة بخصوصها، ويحتمل أن يقال إن لجهنم سبعة أبواب بهذا التفسير، ثم على هذا فقولنا للجنة ثمانية أبواب إشارة إلى زيادتها فإن فيها الحسنى وزيادة فلها أبواب كثيرة وزائدة على كثرة غيرها، والذي يدل على ما ذكرنا في السبعة أن العرب عند الثامن يزيدون واوا، يقول الفراء إنها واو الثمانية وليس ذلك إلا للاستئناف لأن العدد بالسبعة يتم في العرف، ثم بالثامن استئناف جديد اللطيفة الثالثة: لم يقل في الأقلام المدد لوجهين أحدهما: هو أن قوله: * (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام) * بينا أن المراد منه هو أن يكون بعدد كل شجرة موجودة أقلام فتكون الأقلام أكثر من الأشجار الموجودة وقوله في البحر: * (والبحر يمده سبعة أبحر) * إشارة إلى أن البحر لو كان أكثر من الموجود لاستوى القلم والبحر في المعنى والثاني: هو أن النقصان بالكتابة يلحق المداد أكثر فإنه هو النافذ والقلم الواحد يمكن أن يكتب به كتب كثيرة فذكر المدد في البحر الذي هو كالمداد.
ثم قال تعالى: * (إن الله عزيز حكيم) * لما ذكر أن ملكوته كثيرا أشار إلى ما يحقق ذلك فقال: * (إنه عزيز حكيم) * أي كامل القدرة فيكون له مقدورات لا نهاية لها وإلا لانتهت القدرة إلى حيث لا تصلح للإيجاد وهو حكيم كامل العلم ففي علمه ما لا نهاية له فتحقق أن البحر لو كان مدادا لما نفد ما في علمه وقدرته.
ثم قال تعالى: * (ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة) * لما بين كمال قدرته وعلمه ذكر ما يبطل استبعادهم للمعشر وقال: * (ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة) * ومن لا نفاد لكلماته يقول للموتى كونوا فيكونوا.
ثم قال تعالى: * (إن الله سميع بصير) * سميع لما يقولون بصير بما يعملون فإذا كونه قادرا على البعث ومحيطا بالأقوال والأفعال يوجب ذلك الاجتناب التام والاحتراز الكامل.
ثم قال تعالى * (ألم تر أن الله يولج اليل فى النهار ويولج النهار فى اليل وسخر الشمس والقمر كل يجرى إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير) *.