فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيى الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون المسألة الثانية: ذكر في المؤمن العمل الصالح ولم يذكر في الكافر العمل السئ، لأن العمل الصالح معتبر مع الإيمان، فإن الإيمان المجرد مفيد للنجاة دون رفع الدرجات ولا يبلغ المؤمن الدرجة العالية إلا بإيمانه وعمله الصالح، وأما الكافر فهو في الدركات بمجرد كفره فلو قال: والذين كفروا وعملوا السيئات في العذاب محضرون، لكان العذاب لمن يصدر منه المجموع، فإن قيل فمن يؤمن ويعمل السيئات غير مذكور في القسمين، فنقول له منزلة بين المنزلتين لا على ما يقوله المعتزلة، بل هو في الأول في العذاب ولكن ليس من المحضرين دوام الحضور، وفي الآخرة هو في الرياض ولكنه ليس من المحبورين غاية الحبور كل ذلك بحكم الوعد.
المسألة الثالثة: قال في الأول * (في روضة) * على التنكير، وقال في الآخر في العذاب على التعريف، لتعظيم الروضة بالتنكير، كما يقال لفلان مال وجاه، أي كثير وعظيم.
المسألة الرابعة: قال في الأول: * (يحبرون) * بصيغة الفعل ولم يقل محبورون، وقال في الآخر: * (محضرون) * بصيغة الاسم ولم يقل يحضرون، لأن الفعل ينبئ عن التجدد والاسم لا يدل عليه فقوله: * (يحبرون) * يعني يأتيهم كل ساعة أمر يسرون به. وأما الكفار فهم إذا دخلوا العذاب يبقون فيه محضرين.
* (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد فى السماوات والارض وعشيا وحين تظهرون * يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ويحى الارض بعد موتها وكذلك تخرجون) *.
لما بين الله تعالى عظمته في الابتداء بقوله: * (ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق) * (الروم: 8) وعظمته في الانتهاء، وهو حين تقوم الساعة ويفترق الناس فريقين، ويحكم على البعض بأن هؤلاء للجنة ولا أبالي، وهؤلاء إلى النار ولا أبالي، أمر بتنزيهه عن كل سوء ويحمده على كل حال فقال: * (فسبحان الله) * أي سبحوا الله تسبيحا، وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: في معنى سبحان الله ولفظه، أما لفظه ففعلان اسم للمصدر الذي هو التسبيح، سمي التسبيح بسبحان وجعل علما له. وأما المعنى فقال بعض المفسرين: المراد منه الصلاة، أي صلوا، وذكروا أنه أشار إلى الصلوات الخمس، وقال بعضهم أراد به التنزيه، أي نزهوه عن