من الكلام والله تعالى لما قال: * (فلا تخضعن بالقول) * ذكر بعده * (وقلن) * إشارة إلى أن ذلك ليس أمرا بالإيذاء والمنكر بل القول المعروف وعند الحاجة هو المأمور به لا غيره.
ثم قال تعالى * (وقرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى وأقمن الصلوة وءاتين الزكوة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *.
قوله تعالى: * (وقرن في بيوتكن) * من القرار وإسقاط أحد حرفي التضعيف كما قال تعالى: * (فظلتم تفكهون) * وقيل بأنه من الوقار كما يقال وعد يعد عد وقول: * (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) * قيل معناه لا تتكسرن ولا تتغنجن، ويحتمل أن يكون المراد لا تظهرن زينتكن وقوله تعالى: * (الجاهلية الأولى) * فيه وجهان أحدهما: أن المراد من كان في زمن نوح والجاهلية الأخرى من كان بعده وثانيهما: أن هذه ليست أولى تقتضي أخرى بل معناه تبرج الجاهلية القديمة كقول القائل: أين الأكاسرة الجبابرة الأولى.
ثم قال تعالى: * (وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله) * يعني ليس التكليف في النهي فقط حتى يحصل بقوله تعالى: * (لا تخضعن، ولا تبرجن) * بل فيه وفي الأوامر * (فأقمن الصلاة) * التي هي ترك التشبه بالجبار المتكبر * (وآتين الزكاة) * التي هي تشبه بالكريم الرحيم * (وأطعن الله) * أي ليس التكليف منحصرا في المذكور بل كل ما أمر الله به فأتين به وكل ما نهى الله عنه فانتهين عنه.
ثم قال تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *.
يعني ليس المنتفع بتكليفكن هو الله ولا تنفعن الله فيما تأتين به. وإنما نفعه لكن وأمره تعالى إياكن لمصلحتكن، وقوله تعالى: * (ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم) * فيه لطيفة وهي أن الرجس قد يزول عينا ولا يطهر المحل فقوله تعالى: * (ليذهب عنكم الرجس) * أي يزيل عنكم الذنوب ويطهركم أي يلبسكم خلع الكرامة، ثم إن الله تعالى ترك خطاب المؤنثات وخاطب بخطاب المذكرين بقوله: * (ليذهب عنكم الرجس) * ليدخل فيه نساء أهل بيته ورجالهم، واختلفت الأقوال في أهل البيت، والأولى أن يقال هم أولاده وأزواجه والحسن والحسين منهم وعلي منهم لأنه كان من أهل بيته بسبب معاشرته ببنت النبي عليه السلام وملازمته للنبي.