وقال الذين أوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولاهم يستعتبون ولقد ضربنا للناس في هذا القران من كل مثل ولئن جئتهم باية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون قوله: * (وقال الذين أوتوا العلم والإيمان) * من الملائكة وغيرهم * (لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث) * ونحن نبين ما هو المعنى اللطيف في هاتين الآيتين، فنقول الموعود بوعد إذا ضرب له أجل يستكثر الأجل ويريد تعجيله، والموعد بوعيد إذا ضرب له أجل يستقل المدة ويريد تأخيرها، لكن المجرم إذا حشر علم أن مصيره إلى النار فيستقل مدة اللبث ويختار تأخير الحشر والإبقاء في القبر، والمؤمن إذا حشر علم أن مصيره إلى الجنة فيستكثر المدة ولا يريد التأخير فيختلف الفريقان ويقول أحدهما إن مدة لبثنا قليل وإليه الإشارة بقوله: * (يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة) * ويقول الآخر لبثنا مديدا وإليه الإشارة بقوله تعالى: * (وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث) * يعني كان في كاتب الله ضرب الأجل إلى يوم البعث ونحن صبرنا إلى يوم البعث * (فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون) * يعني طلبكم التأخير، لأنكم كنتم لا تعلمون البعث ولا تعترفون به، فصار مصيركم إلى النار فتطلبون التأخير.
* (فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون) *.
أي لا يطلب منهم الإعتاب وهو إزالة العتب يعني التوبة التي تزيل آثار الجريمة لا تطلب منهم لأنها لا تقبل منهم.
* (ولقد ضربنا للناس فى هذا القرءان من كل مثل ولئن جئتهم باية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون) *.
قوله: * (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من مثل) * إشارة إلى إزالة الأعذار والإتيان بما فوق الكفاية من الإنذار، وإلى أنه لم يبق من جانب الرسول تقصير، فإن طلبوا شيئا آخر فذلك عناد ومن هان عليه تكذيب دليل لا يصعب عليه تكذيب الدلائل، بل لا يجوز للمستدل أن يشرع في دليل