الأب حتى لا تحرم أولادهن على المؤمنين ولا أخواتهن ولا أمهاتهن، وإن كان الكل يحرمن في الأم الحقيقية والرضاعية.
ثم قال تعالى: * (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا) * إشارة إلى الميراث، وقوله: * (إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا) * إشارة إلى الوصية، يعني إن أوصيتم فغير الوارثين أولى، وإن لم توصوا فالوارثون أولى بميراثكم وبما تركتم، فإن قيل فعلى هذا أي تعلق للميراث والوصية بما ذكرت نقول تعلق قوي خفي لا يتبين إلا لمن هداه الله بنوره، وهو أن غير النبي عليه الصلاة والسلام في حال حياته لا يصير له مال الغير، وبعد وفاته لا يصير ماله لغير ورثته، والنبي عليه الصلاة والسلام في حال حياته كان يصير له مال الغير إذا أراده ولا يصير ماله لورثته بعد وفاته كأن الله تعالى عوض النبي عليه الصلاة والسلام عن قطع ميراثه بقدرته على تملك مال الغير وعوض المؤمنين بأن ما تركه يرجع إليهم، حتى لا يكون حرج على المؤمنين في أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد شيئا يصير له ثم يموت ويبقى لورثته فيفوت عليهم ولا يرجع إليهم فقال تعالى: * (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) * يعني بينكم التوارث فيصير مال أحدكم لغيره بالإرث والنبي لا توارث بينه وبين أقاربه فينبغي أن يكون له بدل هذا أنه أولى في حياته بما في أيديكم الثاني: هو أن الله تعالى ذكر دليلا على أن النبي عليه الصلاة والسلام أولي بالمؤمنين وهو أن أولى الأرحام بعضهم أولى ببعض، ثم إذا أراد أحد برا مع صديق فيوصي له بشيء فيصير أولى من قريبه وكأنه بالوصية قطع الإرث وقال هذا مالي لا ينتقل عني إلا إلى من أريده، فكذلك الله تعالى جعل لصديقه من الدنيا ما أراده ثم ما يفضل منه يكون لغيره وقوله: " كان ذلك في الكتاب مسطورا " فيه وجهان أحدهما: في القرآن وهو آية المواريث والوصية والثاني: في اللوح المحفوظ.
قوله تعالى * (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا) *.
وجه تعلق الآية بما قبلها هو أن الله تعالى لما أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالاتقاء بقوله: * (يا أيها النبي اتق الله) * (الأحزاب: 1) وأكده بالحكاية التي خشى فيها الناس لكي لا يخشى فيها أحدا غيره وبين أنه لم يرتكب أمرا يوجب الخشية بقوله: * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * (الأحزاب: 6) أكده بوجه آخر وقال: * (وإذ أخذنا من النبيين) * كأنه قال اتق الله ولا تخف أحدا واذكر أن الله أخذ ميثاق النبيين في أنهم يبلغون رسالات الله ولا يمنعهم من ذلك خوف ولا طمع وفيه مسائل: