أخشوا يوما هذا شأنه وهو كائن لوعد الله به ووعده حق والثاني: أن يكون تحقيقا لعدم الجزاء يعني: * (لا يجزي والد عن ولده) * لأن الله وعد ب * (ألا تزر وازرة وزر أخرى) * (النجم: 38) ووعد الله حق، فلا يجزي والأول أحسن وأظهر.
ثم قال تعالى: * (فلا تغرنكم الحياة الدنيا) * يعني إذا كان الأمر كذلك فلا تغتروا بالدنيا فإنها زائلة لوقوع (ذلك) اليوم المذكور بالوعد الحق.
ثم قال تعالى: * (ولا يغرنكم بالله الغرور) * يعني الدنيا لا ينبغي أن تغركم بنفسها ولا ينبغي أن تغتروا (بها) وإن حملكم على محبتها غار من نفس أمارة أو شيطان فكان الناس على أقسام منهم من تدعوه الدنيا إلى نفسها فيميل إليها ومنهم من يوسوس في صدره الشيطان ويزين في عينه الدنيا ويؤمله ويقول إنك تحصل بها الآخرة أو تلتذ بها ثم تتوب فتجتمع لك الدنيا والآخرة، فنهاهم عن الأمرين وقال كونوا قسما ثالثا، وهم الذين لا يلتفتون إلى الدنيا ولا إلى من يحسن الدنيا في الأعين.
* (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الارحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت إن الله عليم خبير) *.
يقول بعض المفسرين إن الله تعالى نفى علم أمور خمسة بهذه الآية عن غيره وهو كذلك لكن المقصود ليس ذلك، لأن الله يعلم الجوهر الفرد الذي كان في كثيب رمل في زمان الطوفان ونقله الريح من المشرق إلى المغرب كم مرة، ويعلم أنه أين هو ولا يعلمه غيره، ولأن يعلم أنه يوجد بعد هذه السنين ذرة في برية لا يسلكها أحد ولا يعلمه غيره، فلا وجه لاختصاص هذه الأشياء بالذكر وإنما الحق فيه أن نقول لما قال الله: * (أخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده) * وذكر أنه كائن بقوله: * (إن وعد الله حق) * كأن قائلا قال فمتى يكون هذا اليوم فأجيب بأن هذا العلم ما لم يحصل لغير الله ولكن هو كائن، ثم ذكر الدليلين الذين ذكرناهما مرارا على البعث أحدهما: إحياء الأرض بعد موتها كما قال تعالى: * (وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قلبه لمبلسين * فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى) * (الروم: 49، 50) وقال تعالى: * (ويحي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون) * (الروم: 19) وقال ههنا يا أيها السائل إنك لا تعلم وقتها ولكنها كائنة والله قادر عليها كما هو قادر على إحياء الأرض حيث قال * (وهو الذي ينزل الغيث) * (الشورى: 28) وقال: * (ويحيي الأرض) * (الروم: 19)