وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون " 37 " والذين يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون * قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين " 39 " يعني أن الرزق في الدنيا لا تدل سعته وضيقه على حال المحق والمبطل فكم من موسر شقي ومعسر تقي * (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) * أي أن قلة الرزق وضنك العيش وكثرة المال وخصب العيش بالمشيئة من غير اختصاص بالفاسق والصالح.
ثم بين فساد استدلالهم بقولهم: * (وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون) *.
يعني قولكم نحن أكثر أموالا فنحن أحسن عند الله حالا ليس استدلالا صحيحا، فإن المال لا يقرب إلى الله ولا اعتبار بالتعزز به، وإنما المفيد العمل الصالح بعد الإيمان والذي يدل عليه هو أن المال والولد يشغل عن الله فيبعد عنه فكيف يقرب منه والعمل الصالح إقبال على الله واشتغال بالله ومن توجه إلى الله وصل ومن طلب من الله شيئا حصل، وقوله: * (فأولئك لهم جزاء الضعف) * أي الحسنة فإن الضعف لا يكون إلا في الحسنة وفي السيئة لا يكون إلا المثل.
ثم زاد وقال: * (وهم في الغرفات آمنون) * إشارة إلى دوام النعيم وتأبيده، فإن من تنقطع عنه النعمة لا يكون آمنا.
ثم بين حال المسئ بقوله: * (والذين يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون) *.
وقد ذكرنا تفسيره، وقوله: * (أولئك في العذاب محضرون) * إشارة إلى الدوام أيضا كما قال تعالى * (كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها) * وكما قال تعالى: * (وما هم عنها بغائبين) *.
ثم قال تعالى مرة أخرى: * (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) * إشارة إلى أن نعيم الآخرة لا ينافي نعمة الدنيا، بل الصالحون قد يحصل لهم في الدنيا النعم مع القطع بحصول النعيم لهم في العقبى بناء على الوعد، قطعا لقول من يقول: إذا كانت العاجلة لنا والآجلة لهم فالنقد أولى، فقال هذا النقد غير مختص بكم