تعالى إنه حكيم ولا تكون المصلحة إلى في قول الحكيم، فإذا أمرك الله بشيء فاتبعه ولو منعك أهل العالم عنه.
قوله تعالى * (واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا * وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا * ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه وما جعل أزواجكم اللائى تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعيآءكم أبنآءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدى السبيل) *.
يقرر ما ذكرنا من أنه حكيم فاتباعه هو الواجب، ثم قال تعالى: * (إن الله كان بما تعملون خبيرا) * لما قال إنه عليم بما في قلوب العباد بين أنه عالم خبير بأعمالكم فسووا قلوبكم وأصلحوا أعمالكم. ثم قال تعالى: * (وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) * يعني اتق الله وإن توهمت من أحد فتوكل على الله فإنه كفى به دافعا ينفع ولا يضر معه شيء وإن ضر لا ينفع معه شيء.
ثم قال تعالى: * (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) * قال بعض المفسرين الآية نزلت في أبي معمر كان يقول لي قلبان أعلم وأفهم بأحدهما أكثر مما يفهم محمد فرد الله عليه بقوله: * (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) *، وقال الزمخشري قوله: * (وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم) * أي ما جعل لرجل قلبين كما لم يجعل لرجل أمين ولا لابن أبوين، وكلاهما ضعيف بل الحق أن يقال إن الله لما أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالاتقاء بقوله: * (يا أيها النبي اتق الله) * فكان ذلك أمرا له بتقوى لا يكون فوقها تقوى ومن يتقي ويخاف شيئا خوفا شديدا لا يدخل في قلبه شيء آخر ألا ترى أن الخائف الشديد الخوف ينسى مهماته حالة الخوف فكأن الله تعالى قال يا أيها النبي اتق الله حق تقاته، ومن حقها أن لا يكون في قلبك تقوى غير الله فإن المرء ليس له قلبان حي يتقي بأحدهما الله وبالآخرة غيره فإن اتقى غيره فلا يكون ذلك إلا بصرف القلب عن جهة الله إلى غيره وذلك لا يليق بالمتقي الذي يدعي أنه يتق الله حق تقاته، ثم ذكر للنبي عليه الصلاة والسلام أنه لا ينبغي أن يتقي أحدا ولا مثل ما اتقيت في حكاية زينب زوجة زيد حيث قال الله تعالى: * (وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) * (الأحزاب: 37) يعني مثل تلك التقوى لا ينبغي أن تدخل في