إليكم، لا يقتضي هذا أنه يكرم آباء من توفى أبوه، أو يحترم ابن من لم يولد له ولد، بل مفهومه أنه يكرم أب من له أب، ويحترم ابن من له ابن، فكذلك يكفر سيئة من له سيئة الجواب الثاني: ما من مكلف إلا وله سيئة أما غير الأنبياء فظاهر، وأما الأنبياء فلأن ترك الأفضل منهم كالسيئة من غيرهم، ولهذا قال تعالى: * (عفا الله عنك لم أذنت لهم) * (التوبة: 43).
المسألة التاسعة: قوله: * (ولنجزينهم أحسن) * يحتمل وجهين أحدهما: لنجزينهم بأحسن أعمالهم وثانيهما: لنجزينهم أحسن من أعمالهم. وعلى الوجه الأول معناه نقدر أعمالهم أحسن ما تكون ونجزيهم عليها لا أنه يختار منها أحسنها ويجزى عليه ويترك الباقي، وعلى الوجه الثاني: معناه قريب من معنى قوله تعالى: * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) * (الأنعام: 160) وقوله: * (فله خير منها) * (النمل: 89).
المسألة العاشرة: ذكر حال المسئ مجملا بقوله: * (أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا) * إشارة إلى التعذيب مجملا. وذكر حال المحسن مجملا بقوله: * (ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه) * ومفصلا بهذه الآية، ليكون ذلك إشارة إلى أن رحمته أتم من غضبه وفضله أعم من عدله.
قوله تعالى * (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهمآ إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون) *.
الأولى: ما وجه تعلق الآية بما قبلها؟ نقول: لما بين الله حسن التكاليف ووقوعها، وبين ثواب من حقق التكاليف أصولها وفروعها تحريضا للمكلف على الطاعة، ذكر المانع ومنعه من أن يختار اتباعه، فقال الإنسان إن انقاد لأحد ينبغي أن ينقاد لأبويه، ومع هذا لو أمراه بالمعصية لا يجوز اتباعهما فضلا عن غيرهما فلا يمنعن أحدكم شيء من طاعة الله ولا يتبعن أحد من يأمر بمعصية الله.
المسألة الثانية: في القراءة قرىء حسنا وإحسانا وحسنا أظهر ههنا، ومن قرأ إحسانا فمن قوله تعالى: * (وبالوالدين إحسانا) * البقرة: 83) والتفسير على القراءة المشهورة هو أن الله تعالى وصى الإنسان بأن يفعل مع والديه حسن التأبي بالفعل والقول، ونكر حسنا ليدل على الكمال، كما يقال إن لزيد مالا.
المسألة الثالثة: في قوله: * (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا) * دليل على أن متابعتهم في الكفر لا يجوز، وذلك لأن الإحسان بالوالدين وجب بأمر الله تعالى فلو ترك العبد عبادة الله تعالى بقول الوالدين لترك طاعة الله تعالى فلا ينقاد لما وصاه به فلا يحسن إلى الوالدين، فاتباع العبد أبويه