سورة العنكبوت مكية وقيل مدنية وقيل نزلت من أولها إلى رأس عشر بمكة وباقيها بالمدينة أو نزل إلى آخر العشر بالمدينة وباقيها بمكة وبالعكس، وهي سبعون أو تسع وستون آية بسم الله الرحمن الرحيم * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون) *.
المسألة الأولى: في تعلق أول هذه السورة بما قبلها وفيه وجوه الأول: لما قال الله تعالى قبل هذه السورة: * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) * (القصص: 85) وكان المراد منه أن يرده إلى مكة ظاهرا غالبا على الكفار ظافرا طالبا للثأر، وكان فيه احتمال مشاق القتال صعب على البعض ذلك فقال الله تعالى: * (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا) * ولا يؤمروا بالجهاد الوجه الثاني: هو أنه تعالى لما قال في أواخر السورة المتقدمة * (وادع إلى ربك) * (القصص: 87) وكان في الدعاء إليه الطعان والحراب والضراب، لأن النبي عليه السلام وأصحابه كانوا مأمورين بالجهاد إن لم يؤمن الكفار بمجرد الدعاء فشق على البعض ذلك فقال: * (أحسب الناس أن يتركوا) * الوجه الثالث: هو أنه تعالى لما قال في آخر السورة المتقدمة * (كل شيء هالك إلا وجهه) * (القصص: 88) ذكر بعده ما يبطل قول المنكرين للحشر فقال: * (له الحكم وإليه ترجعون) * يعني ليس كل شيء هالكا من غير رجوع بل كل هالك وله رجوع إلى الله. إذا تبين هذا، فاعلم أن منكري الحشر يقولون لا فائدة في التكاليف فإنها مشاق في الحال ولا فائدة لها في المآل إذ لا مآل ولا مرجع بعد الهلاك والزوال، فلا فائدة فيها. فلما بين الله أنهم إليه يرجعون بين أن الأمر ليس على ما حسبوه، بل حسن التكليف ليثيب