أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير " 11 " ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير " 12 " إنه طلب من الله أن يغنيه عن أكل مال بيت المال فألان له الحديد وعلمه صنعة اللبوس وهي الدروع، وإنما اختار الله له ذلك، لأنه وقاية للروح التي هي من أمره وسعى في حفظ الآدمي المكرم عند الله من القتل، فالزراد خير من القواس والسياف وغيرهما.
ثم قال تعالى * (أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير) *.
قيل إن أن ههنا للتفسير فهي مفسرة، بمعنى أي اعمل سابغات وهو تفسير * (ألنا) * وتحقيقه لأن يعمل، يعني ألنا له الحديد ليعمل سابغات ويمكن أن يقال ألهمناه أن اعمل وأن مع الفعل المستقبل للمصدر فيكون معناه: ألنا له الحديد وألهمناه عمل سابغات وهي الدروع الواسعة ذكر الصفة ويعلم منها الموصوف وقدر في السرد، قال المفسرون: أي لا تغلظ المسامير فيتسع الثقب ولا توسع الثقب فتقلقل المسامير فيها، ويحتمل أن يقال السرد هو عمل الزرد، وقوله: * (وقدر في السرد) * أي الزرد إشارة إلى أنه غير مأمور به أمر إيجاب إنما هو اكتساب والكسب يكون بقدر الحاجة وباقي الأيام والليالي للعبادة فقدر في ذلك العمل ولا تشغل جميع أوقاتك بالكسب بل حصل به القوت فحسب، ويدل عليه قوله تعالى: * (واعملوا صالحا) * أي لستم مخلوقين إلا للعمل الصالح فاعملوا ذلك وأكثروا منه، والكسب قدروا فيه، ثم أكد طلب الفعل الصالح بقوله: * (إني بما تعملون بصير) * وقد ذكرنا مرارا أن من يعمل لملك شغلا ويعلم أنه بمرأى من الملك يحسن العمل ويتقنه ويجتهد فيه، ثم لما ذكر المنيب الواحد ذكر منيبا آخر وهو سليمان، كما قال تعالى * (وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب) * (ص: 34).
وذكر ما استفاد هو بالإنابة فقال: * (ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قرئ * (ولسليمان الريح) * بالرفع وبالنصب وجه الرفع * (ولسليمان الريح) * مسخرة أو سخرت * (لسليمان الريح) * ووجه النصب * (ولسليمان) * سخرنا * (الريح) * وللرفع وجه آخر