قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير * ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير " 23 " فيظهر فيها صورة زيد إن قابلها، ثم إذا قابلها عمرو يظهر فيها صورته، والمرآة لم تتغير في ذاتها ولا تبدلت في صفاتها، وإنما التغير في الخارجات فكذلك ههنا قوله: * (إلا لنعلم) * أي ليقع في العلم صدور الكفر من الكافر والإيمان من المؤمن وكان قبله فيه أنه سيكفر زيد ويؤمن عمرو.
وقوله: * (وما كان له عليهم من سلطان) * إشارة إلى أنه ليس بملجئ وإنما هو آية، وعلامة خلقها لله لتبيين ما هو في علمه السابق، وقوله: * (وربك على كل شيء حفيظ) * يحقق ذلك أي الله تعالى قادر على منع إبليس عنهم عالم بما سيقع، فالحفظ يدخل في مفهومه العلم والقدرة، إذ الجاهل بالشيء لا يمكنه حفظه ولا العاجز.
ثم قال تعالى (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير، ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير).
لما بين الله تعالى حال الشاكرين وحال الكافرين وذكرهم بمن مضى عاد إلى خطابهم وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم قل للمشركين ادعوا الذين زعمتم من دون الله ليكشفوا عنكم الضر على سبيل التهكم ثم بين أنهم لا يملكون شيئا بقوله: * (لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض) *.
واعلم أن المذاهب المفضية إلى الشرك أربعة أحدها: قول من يقول الله تعالى خلق السماء والسماويات وجعل الأرض والأرضيات في حكمهم، ونحن من جملة الأرضيات فنعبد الكواكب والملائكة التي في السماء فهم آلهتنا والله إلههم، فقال الله تعالى في إبطال قولهم: إنهم لا يملكون في السماوات شيئا كما اعترفتم، قال ولا في الأرض على خلاف ما زعمتم وثانيها: قول من يقول السماوات من الله على سبيل الاستبداد والأرضيات منه ولكن بواسطة الكواكب فإن الله خلق العناصر والتركيبات التي فيها بالإتصالات والحركات والطوالع فجعلوا لغير الله معه شركا في الأرض والأولون جعلوا الأرض لغيره والسماء له، فقال في إبطال قولهم: * (وما لهم فيهما من شرك) * أي الأرض كالسماء لله لا لغيره، ولا لغيره فيها نصيب وثالثها: قول من قال: التركيبات والحوادث كلها من