لن تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر من القرآن) * (1).
وكذا قاله الزرقاني في المناهل، ثم قال بعد بيان له: ولا ريب أن هذا الحكم الثاني رافع للحكم الأول، فتعين النسخ (2).
ومثله قال العتائقي.
وفي قبال هؤلاء من قال بعدم النسخ، منهم:
1 - العلامة الطباطبائي، قال - بعد ذكر قوله تعالى " فاقرأوا ما تيسر من القرآن ": المراد به التخفيف في قيام الليل من حيث المقدار لعامة المكلفين تفريعا على علمه تعالى أنهم لن يحصوه. ولازم ذلك التوسعة في التكليف دون النسخ، بمعنى كون قيام الثلث أو النصف أو الأدنى من الثلثين لمن استطاع ذلك بدعة محرمة (3).
2 - السيد شبر في تفسيره عبر عن تعويض الحكم بالتخفيف لا النسخ.
والذي يبدو لنا في معنى الآية هنا هو أنه يجب على النبي (صلى الله عليه وآله) القيام في الليل، وتجب عليه أيضا صلاة الوتر. أما وجوب القيام في الليل فقد دلت عليه هذه الآيات، وقوله تعالى * (ومن الليل فتهجد به نافلة لك) * (4).
ثم إنه (صلى الله عليه وآله) كان إذا قام في الليل ليصلي أو ليقرأ القرآن أو ليستغفر تأسى به بعض أصحابه، وقاموا لذلك من دون أن يكونوا مأمورين بذلك.
وأما وجوب الوتر عليه (صلى الله عليه وآله) فهو مما دلت عليه الروايات كقوله (صلى الله عليه وآله): ثلاث كتبت علي ولم تكتب عليكم: السواك، والوتر، والأضحية (5).
وفي نبوي آخر: كتب علي الوتر ولم يكتب عليكم، وكتب علي السواك ولم يكتب عليكم، وكتبت علي الأضحية ولم تكتب عليكم (6).
وهذا، يتضح منه عدم صحة ما ذهب إليه بعض العامة من عدم وجوب الثلاثة عليه، فإن هذه الروايات تدفع قوله هذا وترده.