أبي عبيدة قال: سأل أبا عبد الله بعض أصحابنا... وفيه قال (أي بعض الأصحاب):
فمصحف فاطمة؟ قال: فسكت طويلا ثم قال: إنكم لتبحثون عما تريدون وعما لا تريدون، إن فاطمة مكثت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) خمسة وسبعين يوما وكان دخلها حزن شديد على أبيها، وكان جبرئيل (عليه السلام) يأتيها، فيحسن عزاءها على أبيها، ويطيب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي (عليه السلام) يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة (1).
هذا، ولا يمكننا مع ذلك إنكار وجود مصحف قرآني لفاطمة (عليها السلام)، لأن النفي أيضا يحتاج إلى الدليل. ولعله كان لها مصحف تقرأ فيه. لا أنها كانت تقرأ عن ظهر قلبها، فإن القراءة في المصحف والنظر فيه أفضل من القراءة عن ظهر قلب، كما في الروايات (2).
مصحف الخلفاء الثلاثة وحفصة:
إن المشهور المعروف هو: أن أبا بكر قد أمر زيد بن ثابت الصحابي بأن يجمع مصحفا ويكتبه حتى لا يضيع كتاب الله الكريم، ففعل زيد، وجمع القرآن من الصحف والعسب واللخاف التي كتبت على عهد النبي (صلى الله عليه وآله). وكان المصحف عند أبي بكر، ثم عند عمر، ثم عند حفصة بنت عمر، إلى أن طلبه منها عثمان، فأبت أن تعطيه إياه، فعاهدها ليردنه إليها، فبعثت به إليه، فأمر عثمان بنسخه في المصاحف، فنسخ، ثم رده إلى حفصة، وقد ذكرنا ذلك في بحث " من جمع القرآن؟ " فليراجع، وليراجع أيضا كتاب " البيان " للإمام السيد الخوئي (رحمه الله)، باب صيانة القرآن عن التحريف، وقد أورد أحاديث الباب عن الصحاح وكنز العمال بشكل واف.
والنتيجة هي: أن مصحف الخلفاء الثلاثة وحفصة كان واحدا، انتقل من واحد لواحد منهم، فلما ماتت حفصة ارسل إلى عبد الله بن عمر في الصحيفة بعزمه،