ضوابط تعيين المكي والمدني:
ووجهات النظر في ذلك متعددة، نذكر منها:
الأولى: قال القاضي أبو بكر في الانتصار: إنما يرجع في معرفة المكي والمدني لحفظ الصحابة والتابعين، ولم يرد عن النبي (صلى الله عليه وآله) في ذلك قول، لأنه لم يؤمر، ولم يجعل الله علم ذلك من فرائض الأمة (1).
ولقد أحسن الزرقاني في المقام حيث قال: لم يرد عن النبي (صلى الله عليه وآله) بيان المكي والمدني، وذلك لأن المسلمين في زمانه لم يكونوا في حاجة إلى هذا البيان، كيف وهم يشاهدون الوحي والتنزيل، ويشهدون مكانه وزمانه، وأسباب نزوله عيانا، وليس بعد العيان بيان (2).
ثم إنه ربما نجد في كتب الإمامية بعض الروايات عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) - وإن كانت قليلة وربما ضعيفة سندا - يستفاد منها أو نص فيها على أن هذه السورة أو الآية مكية أو مدنية، مثل:
1 - ما رواه العياشي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام):
نزلت سورة المائدة قبل أن يقبض النبي (صلى الله عليه وآله) بشهرين أو ثلاثة (3).
2 - وما رواه في الكافي عن محمد بن سالم عن أبي جعفر (عليه السلام) وفيه:... ثم بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) وهو بمكة عشر سنين، فلم يمت في تلك العشر سنين أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا (صلى الله عليه وآله) رسول الله إلا أدخله الله الجنة بإقراره، وهو إيمان التصديق - إلى أن قال (عليه السلام): - وتصديق ذلك: أن الله عز وجل أنزل عليه في سورة بني إسرائيل بمكة * (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه - إلى قوله تعالى: - خبيرا بصيرا) * (4). ثم بعد أن عدد (عليه السلام) بعض ما أنزله الله في مكة قال: فلما أذن الله