وأما ما يعارض ما ذكرناه:
وإذا ثبت أن القرآن قد جمع في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) بدليل العقل والاعتبار والأحاديث المعتبرة الصحيحة فلابد وأن ننظر إلى ما يظهر منه المنافاة لما ذكرناه، ونوفق بينه وبين ما ذكرناه ولو بأن نحمله على معان غريبة ولكن لا تنافي حكم العقل والاعتبار والروايات على النحو الذي قدمناه، فنقول: إن ما يظهر منه المنافاة لما قلناه هو:
1 - الأحاديث الدالة على أن زيدا جمع القرآن في عصر أبي بكر.
2 - ما دل على أن الجمع وقع في عهد عمر.
3 - ما دل على أن الجمع وقع في عهد عثمان.
4 - ما دل على أن عليا (عليه السلام) جمع القرآن بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) مباشرة.
ففي كتاب سليم بن قيس عن سلمان (رضي الله عنه): أن عليا (عليه السلام) بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) لزم بيته وأقبل على القرآن يؤلفه ويجمعه، فلم يخرج من بيته حتى جمعه، وكان في الصحف والشظاظ (1) والأسيار (2) والرقاع - إلى أن قال: - فجمعه في ثوب واحد وختمه (3).
ونحن لا نجد في ما ذكر ما يصلح دليلا على خلاف ما قدمناه.
أما بالنسبة لما ورد من أن الجمع كان في زمن أبي بكر فالظاهر أن مقصودهم هو أن أبا بكر قد أمر زيدا أن يستنسخ مصحفا له من تلك الصحف المكتوبة على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) والمجموعة في مكان واحد، وقد أشار إلى هذا أبو شامة حيث قال في المقام: وكان غرضهم أن لا يكتب إلا من عين ما كتب بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله) لا من مجرد الحفظ (4).
هذا كله، مضافا إلى أن روايات الجمع في زمن أبي بكر متعارضة فيما بينها،