ومنهم السيوطي، ومن نقل السيوطي عنهم، حيث قال: الإجماع والنصوص على أن ترتيب الآيات توقيفي لا شبهة في ذلك. أما الإجماع فنقله غير واحد منهم الزركشي في البرهان وأبو جعفر بن زبير في مناسباته وعبارته: ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه (صلى الله عليه وآله) وأمره من غير خلاف في هذا بين المسلمين. ثم قال السيوطي: وأما النصوص فمنها حديث زيد السابق: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله) نؤلف القرآن من الرقاع (1).
وهذا - كما ترى - يدل على أن جمع وترتيب الآيات في السور كان بأمر منه (صلى الله عليه وآله) كما عليه الإجماع، ويدل أيضا على جمع القرآن بأجمعه من الرقاع بيد زيد وشركائه في عصره (صلى الله عليه وآله).
ونقل أيضا في الإتقان عن القاضي أبي بكر في الانتصار قوله: الذي نذهب إليه أن جمع القرآن الذي أنزله الله وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه ولا رفع تلاوته بعد نزوله هذا بين الدفتين. ثم قال: وأن ترتيبه ونظمه ثابت على ما نظمه الله تعالى ورتبه عليه رسوله من آي السور (2).
ونقل أيضا عن البغوي في شرح السنة قوله: الصحابة رضي الله عنهم جمعوا بين الدفتين القرآن الذي أنزله الله على رسوله من غير أن يكونوا زادوا أو نقصوا (3)، إنتهى.
هذا، ولا يسع المجال لتعداد كل من ذهب إلى هذا القول، فإنهم كثيرون.
ما المقصود من الجمع في عهد النبي (صلى الله عليه وآله)؟
ثم إن هذا القول - وهو الأولى بالقبول - لا يستلزم أن يكون القرآن مجموعا في مصحف واحد، قد خيط بخيوط، ووضع له جلد، بل المهم فيه هو إثبات أنه جمع بأمره (صلى الله عليه وآله)، ولو في ضمن قراطيس متعددة كثيرة. وقد أوصى النبي (صلى الله عليه وآله) إلى وصيه أن يجمعه في مصحف واحد حتى لا يضيع منه شئ، ويكون النسخة الأولى