قال السيوطي في الإتقان: وعن الحاكم وابن أبي شيبة من طريق حسان بن حريث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: فصل القرآن من الذكر، فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا، فجعل جبرئيل ينزل على النبي (صلى الله عليه وآله). أسانيدها كلها صحيحة (1).
توهم ودفع:
وأخيرا، فلعلنا لا نرى مبررا لتوهم أن يكون ما قدمناه يخالف وينافي قوله تعالى: * (ونزلنا عليك الكتاب) * (2) ونحو ذلك من الآيات، التي نسب فيها التنزيل إلى الله لا إلى جبرئيل.
وذلك لأن الفعل كما يصح إسناده إلى المباشر المختار كذلك يصح نسبته وإسناده إلى السبب، فالوجه في إسناد الفعل إلى الله تعالى هو أنه سبب، وإلى جبرئيل هو أنه المباشر المختار.
وإلا فإن وساطة جبرئيل في الجملة مما لا ريب فيه، فإسناد تنزيل جميع القرآن إلى الله تعالى لا يصح على إطلاقه أيضا.
ومن ذلك يعلم أن الوجه في نسبة تنزيل القرآن تارة إلى الله تعالى واخرى إلى جبرئيل (عليه السلام) هو ما ذكرنا.
مناقشة:
هذا، ولابد هنا من الإشارة إلى ما ربما يقال من أنه لم لا يلتزم بالتبعيض، بمعنى وساطة جبرئيل في بعض آيات القرآن لا في جميعها؟
ولكن ذلك لا يمكن الالتزام به، حيث إنه لا دليل عليه ولا شاهد له، سوى ما يتوهم من الأخبار الدالة على أن نزول الوحي كان على نحوين: