كلمة " الله "، وحذف أيضا من الحمد " الرحيم " والآيتين الأخيرتين، وتخيل أنه قد أتى بالأخصر، مع أن الحذف المفوت لبعض المعاني ليس تلخيصا، بل تفويت (1).
وجه إعجاز القرآن:
وبعد أن كان كل مسلم يجزم بإعجاز القرآن فإن معرفة وجه إعجازه تكون هي أمنيته الفضلى، وقد اختلف في وجه إعجازه، وأنه هل هو فصاحة القرآن وبلاغته؟ أو هو حسن أسلوبه؟ أو هما مع غيرهما مما تضمنه القرآن من الأحكام والأخلاق والسياسات والإخبارات الغيبية، وتحققها على وفق ما أخبر به، إلى غير ذلك مما ذكره المحققون من وجوه الإعجاز فيه؟ أو من جهة صرف الله الناس ومنعه إياهم عن الإتيان بمثل القرآن مع قدرتهم عليه، بحيث يكون الإعجاز في منعهم لا في نفس السور والآيات القرآنية كما ادعى البعض؟
ولقد أجاد بعض الأساتذة هنا حيث قال: تكلم العلماء كثيرا عن إعجاز القرآن وأطالوا الكلام، وربما خيل إلى واحد منهم أنه قد أدرك ما أراد، ولكن هيهات، أنى يكون له ذلك، والمفروض أن القرآن إن أعجز العقول والقرائح فبالأولى أن يعجز الألسن - إلى أن قال: - أجل، إن العالم يفهم المعنى الذي يتبادر إلى ذهنه من لفظ القرآن وظاهره، ويستحيل عليه أن يحيط علما بجميع معانيه وأسراره. وعلى هذا، فإذا تحدث العالم عن أسرار القرآن فإنما يتحدث عن إعجاز ما فهمه هو من لفظ القرآن وظاهره، لا عن إعجاز القرآن كما هو في واقعه (2).
ومن المحققين من اكتفى بنقل وجوه الإعجاز من دون أن يختار أحدها، فقال: إعجاز القرآن قيل: لفصاحته، وقيل: لأسلوبه وفصاحته، وقيل: للصرفة، والكل محتمل (3).