ويستفاد من الحديث: أن مال من لا وارث له يجعل في بيت مال المسلمين، فيحمل على الحديث السابق الذي يقول إن المال للنبي (صلى الله عليه وآله) أو للإمام بعده، ولكن لا على أنه ملك شخصي له يتصرف فيه كما يريد، بل على أنه له بما هو نبي وبما أنه إمام، فهو في الحقيقة من شؤون المنصب، ومن أجله فلابد وأن يجعل في بيت مال المسلمين، ليصرفه النبي أو الإمام في صلاح الإسلام والمسلمين.
فالتوريث بعقد الإيمان في الإسلام - كما هو الظاهر - يكون بأحد الأنحاء الثلاثة المتقدمة. فإذا كان المراد بقوله " والذين عقدت أيمانكم " هو هؤلاء الموالي الثلاثة، فالآية تكون محكمة غير منسوخة، وإذا كان المراد من الآية معان أخرى فلابد من طرحها حتى نتأمل فيها لنحكم فيها بالنسخ أو بالإحكام.
المورد العاشر:
قوله تعالى * (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا) * (1).
قال في الإتقان: إنها منسوخة بآية النور * (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) * (2).
وقال العتائقي - بعد ذكر الآية: - قال (عليه السلام): " لهن سبيل الثيب بالثيب الرجم، والبكر بالبكر جلد مائة، وتغريب عام " فالآية منسوخة بالسنة.
وقال السيد عبد الله شبر في تفسيره - بعد ذكره للآية -: كان ذلك عقوبتهن في أول الإسلام، فنسخ بالحد. وكذا قال الشيخ الطبرسي في تفسير مجمع البيان.
وفي تفسير النعماني عن علي (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالرأفة والرحمة، فكان من رأفته ورحمته أنه لم ينقل قومه في أول نبوته عن عاداتهم، حتى استحكم الإسلام في قلوبهم، وحلت الشريعة في صدورهم، فكان