هذا كله بالإضافة إلى الإجماعات المنقولة على أن ترتيب الآيات توقيفي (1).
البحث الثالث في ترتيب السور وفيه ثلاثة أقوال:
الأول: أنها رتبت في عصر النبي (صلى الله عليه وآله).
الثاني: أنها رتبت بالاجتهاد بعده.
الثالث: أن كثيرا من السور قد علم ترتيبها في حياته كالسبع الطوال والحواميم والمفصل، وما سوى ذلك يمكن أن يكون قد فوض الأمر فيه إلى الأمة كما نقل عن ابن عطية (2).
والذي نختاره هو القول الأول، وقد نسبه في الإتقان إلى جماعة منهم:
القاضي في أحد قوليه، وأبو بكر الأنباري، والكرماني في البرهان، والطيبي. وقال في الإتقان: قال الزركشي في البرهان: فالخلاف بين الفريقين لفظي، لأن القائل بالثاني (أي بالاجتهاد بعده (صلى الله عليه وآله)) يقول: إنه رمز إليهم ذلك.
وأما دليلنا على ذلك هو ما أشرنا إليه غير مرة في نظائر المقام من أن العقل والاعتبار يدلان على أنه لا يجوز التسامح في أمر القرآن المعجز الخالد، حتى في ترتيب سوره، بأن يوكل الرسول (صلى الله عليه وآله) أمر ترتيبه إلى غيره من الصحابة، فيؤلفونه حسب أهوائهم واجتهاداتهم، وهل هذا إلا إلقاء للأمة التي يختلف أفرادها اختلافا شديدا في الفهم والذوق إلى مزالق الخلاف والتشتت.
وعن ابن الأنباري (3) أن اتساق السور كاتساق الآيات والحروف، كله من