وأوهن حجة بعد كل الذي قدمناه. وربما يكون المقصود منه هو الإشارة إلى التسبيب لا المباشرة، بمعنى أن عمر قد طلب من أبي بكر وأصر عليه بأن يجمع القرآن، فقبل أبو بكر ما أشار به عمر، وأقدم على ذلك بأن استنسخ قرآنا مما كان الصحابة يحتفظون به.
الجمع في زمان عثمان:
وأما القول بأن الجمع كان في زمان عثمان فالذي حصل في زمان عثمان هو جمع الناس على قراءة واحدة، لا الجمع في المصحف. فعن ابن أبي داود عن سويد بن غفلة قال: قال علي: لا تقولوا في عثمان إلا خيرا، فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا، قال: ما تقولون في هذه القراءة؟ فقد بلغني أن بعضهم يقول: إن قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد يكون كفرا، قلنا: فما ترى؟
قال: أرى أن يجمع الناس على مصحف واحد، فلا تكون فرقة ولا اختلاف، قلنا:
فنعم ما رأيت (1).
ويؤيد ذلك ما عن الحارث المحاسبي، قال: المشهور عن الناس أن جامع القرآن عثمان، وليس كذلك إنما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد على اختيار بينه وبين من شهد من المهاجرين والأنصار لما خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات (2).
جمع علي للقرآن:
وأما جمع علي (عليه السلام) للقرآن فالمقصود: أنه كتبه عما كان عند النبي (صلى الله عليه وآله)، وأضاف إليه التنزيل والتأويل، كما في الرواية، أي أنه أضاف إليه كل ما نزل من الله حول القرآن، وإن لم يكن منه. والتأويل: معناه أنه أضاف إليه كل ما يرجع إليه الكلام، فإنه أعرف به من الكل، كما عن الكلبي، قال: لما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله)