وكيف يصح تجويز أمر كهذا؟! إلا أن يكون عقابا لهم على ذنب أعظم وأشد، وهذا الذنب قد أشير إليه في ذيل الآية، حيث قال * (وإخراج أهله منه أكبر عند الله) * الآية.
وأما قوله تعالى " فقاتلوا المشركين كافة " فهو وإن كان له عموم زماني بمقتضى إطلاقه فيشمل الشهر الحرام بالإطلاق إلا أن النهي الصريح عن القتال فيه يقيد هذا العموم، ويكون وجوب قتال المشركين مختصا بغير الأشهر الحرم. ويؤيد ذلك الإجماع المنقول عن الطبرسي على أن التحريم باق إلى الآن، وقد سبق.
وقال العلامة الحلي: كان الغرض في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) الجهاد في زمان ومكان دون آخر، أما الزمان فإنه كان جائزا في جميع السنة، إلا في الأشهر الحرم - وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم - لقوله تعالى " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ". - إلى أن قال: - إذا عرفت هذا فإن أصحابنا قالوا: إن تحريم القتال في أشهر الحرم باق إلى الآن لم ينسخ في حق من يرى لأشهر الحرم حرمة، وأما من لا يرى لها حرمة فإنه يجوز قتاله فيها. وذهب جماعة من الجمهور إلى أنهما منسوختان بقوله " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " (1).
ثم إن القول بنسخ تحريم القتال - كما حكيناه عن العتائقي ونسب إلى النحاس - غريب وعجيب، ولعله كان غفلة وسهوا منهم، فإن قوله تعالى " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " قد علق الحكم فيه على قوله " فإذا انسلخ الأشهر الحرم " فكيف يكون ناسخا؟!
المورد السابع:
قوله تعالى * (والذين يتوفون منكم ويذرون أزوجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم) * (2).