مختلف الأماكن أدخل معه القلم الأرمي المتأخر، قلم الكنائس الشرقية، ولما كان هذا القلم أسهل في الكتابة من المسند وجد له أشياعا وأتباعا (1).
وأيضا، فإن من المعروف أن للأنباط الساكنين في شمال الحجاز قلما يسمى بالقلم النبطي، وهو قديم أيضا. قال الدكتور جواد علي: إن العرب صاروا يكتبون في الميلاد بقلم آخر أسهل وألين في الكتابة من القلم المسند، أخذوه من القلم النبطي المتأخر، وذلك قبيل الإسلام... لاختلاط العرب الشماليين ببني إرم واحتكاكهم بهم... فبان هذا الأثر في الكتابات القليلة التي وصلت إلينا مدونة بنبطية متأثرة بالعربية (2).
وقال جرجي زيدان: إن الأنباط في الشمال كتبوا بالحرف النبطي، وآثارهم باقية إلى الآن في ضواحي حوران والبلقاء (3).
وقال أبو عبد الله الزنجاني: وعلى رأي الإفرنج الخط العربي قسمان أحدهما:
كوفي، وهو مأخوذ من نوع من السرياني يقال: أسطر نجيلي. و: نسخي، وهو مأخوذ من النبطي. ثم قال في هامش الكتاب: إن مملكة الأنباط امتدت من دمشق الشام إلى وادي القرى قرب المدينة شمالا، وجنوبا من بادية الشام إلى خليج السويس شرقا وغربا، فشملت شمال غرب جزيرة العرب وجزيرة سينا (4).
ثم إن هذين الخطين - النبطي والمسند - ظلا معروفين عند العرب وشايعين إلى ظهور الإسلام، إلا أن النبطي كان مستعملا في المراسلات والمكاتبات التجارية. والمسند كان مستعملا في الكتب، خصوصا الكتب المقدسة.
الخط القرآني في عصر الرسول:
بعد أن عرفنا شيوع الخطين معا - المسند المتبدل بالكوفي، والنبطي المتبدل بالنسخ - جاء السؤال: بأيهما دون وكتب القرآن الكريم في عصر الرسول؟