ومما يشهد ويؤيد هذا الظهور المشار إليه هو تلك الآيات الكثيرة التالية لقوله تعالى: " وإنه لتنزيل رب العالمين " وهذه الآيات هي:
* (نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين * وإنه لفي زبر الأولين * أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل * ولو نزلناه على بعض الأعجمين * فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين * كذلك سلكناه في قلوب المجرمين * لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم... وما تنزلت به الشياطين * وما ينبغي لهم وما يستطيعون * إنهم عن السمع لمعزولون) * (1).
فإن من تأمل في هذه الآيات يقطع بأنها تتحدث عن القرآن كله وهو ما بين الدفتين، وأن الضمائر الموجودة فيها يراد بها الدلالة عليه كله لا على بعضه.
الآيات الدالة على وساطة جبرئيل:
ومن الآيات الدالة على ما نحن بصدده أيضا قوله تعالى:
* (والصبح إذا تنفس * إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون) * (2).
أي أن القرآن الذي يقرأه عليكم محمد (صلى الله عليه وآله) ليس هو من عند نفسه، وإنما هو قول رسول كريم، وهو جبرئيل، وقد تلقاه محمد منه.
المراد بالرسول الكريم:
ويدلنا على أن المراد بالرسول الكريم في الآية الشريفة هو جبرئيل ما عن علي بن إبراهيم بسند صحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث الإسراء بالنبي (صلى الله عليه وآله) وفيه:... فقلت لجبرئيل - وهو بالمكان الذي وصفه الله " مطاع ثم أمين " -: ألا تأمره أن يريني النار؟ فقال له: يا مالك، أر محمدا النار، فكشف عنها غطاءها، وفتح بابا منها... إلى آخر الحديث (3).