مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين) * (1).
فهو تعالى يقول لنبيه: قل لهم: إن كنتم تزعمون أن القرآن من إنشائي فائتوا أنتم بعشر سور بل بسورة من مثله، إذ لو كنت قادرا على الإتيان بالقرآن الذي هو قمة في الفصاحة والبلاغة وسائر المعارف وله هذا النظم الخاص فأنتم أولى بأن تأتوا بمثله لأنني منكم ونشأت بينكم أميا لم أدرس ولم أتعلم عند أحد، فعجزكم عن ذلك وأنتم فصحاء العرب لهو أقوى دليل على أنه من الله جل ذكره.
وأما مسيلمة ومن هم على شاكلته فإنهم عندما حاولوا معارضة القرآن وأظهروا كلمات وجملا مسجعة افتضحوا وسخر الناس منهم للابتذال الظاهر المشاهد فيما أتوا به، ولرداءة نظمه وسخافة محتواه.
وخلاصة القول: إن إعجاز القرآن من الأمور التي لا يرقى إليها الشك، ولا يتطرق إليه الخلاف.
محل البحث وعلاقته بالإعجاز:
نعم، قد وقع الخلاف في أن الألفاظ القرآنية التي هي قوالب للمعاني وترتيب كلماته ونظمها على هذا النحو الخاص هل ذلك أيضا من الله كنفس المعاني القرآنية؟ أم أن المعاني فقط من الله واللفظ وترتيبه للنبي (صلى الله عليه وآله)؟
وهذا البحث لا يتفرع على القول بإعجاز القرآن اللفظي وعدمه، إذ لا مانع من أن تكون الألفاظ للنبي وتكون في نفس الوقت معجزة، على اعتبار أن الإعجاز لها كان بتأييد من الله لإثبات نبوته (صلى الله عليه وآله) كسائر المعجزات الأخرى التي ظهرت على يديه. وعليه، فما قاله البعض من أن الألفاظ إذا لم تكن من الله لم يكن القرآن معجزا (2) لا يستقيم كما أوضحنا.