وهنا يرد سؤال وهو: لماذا ترك أهل اليسار والمال من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) التصدق بين يدي نجواهم؟ ولم يعمل بهذا الحكم إلا الفقير مالا - علي بن أبي طالب - كما نصت عليه الروايات الواردة من طرق الشيعة وغير الشيعة على حد سواء، ونحن نذكر على سبيل المثال:
1 - ما رواه علي بن إبراهيم عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز وجل: * (إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) * قال:
قدم علي بن أبي طالب بين يدي نجواه صدقة، ثم نسخها قوله * (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقة) * (1).
2 - ما رواه أيضا عن مجاهد قال: قال علي (عليه السلام): إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي، وهي آية النجوى، كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم، فجعلت أقدم بين يدي كل نجوى أناجيها النبي (صلى الله عليه وآله) درهما. قال:
فنسخها قوله: " أأشفقتم... الخ " (2).
3 - ما عن الدر المنثور أخرج سعيد بن منصور وابن راهويه وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن علي قال: إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها بعدي، آية النجوى... الحديث (3).
4 - ما رواه الطبري عن مجاهد قال: قال علي (رضي الله عنه): آية من كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي... الحديث (4).
نعم، لماذا لم يعمل الصحابة ذوو المال واليسار بهذه الآية وعمل بها فقط علي (عليه السلام)؟ مع قبح ذلك منهم، وعدم وجود مانع لهم من ذلك سوى ضنهم بالمال، وإيثارهم له على زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) والاستفادة منه.
ومن العجيب هنا ما نقل عن الفخر الرازي فإنه قال في دفع هذا الإشكال عن