وقد سبق في بحث " الخط القرآني " أن الإسلام يحث الناس على تعلم الكتابة، وأن القرآن قد مجد القلم وعظمه، حتى لقد أقسم الله تعالى به، حيث يقول:
* (ن والقلم) *. كما أنه قد أورد نعمة القلم بعد نعمة الخلق في مقام آخر، فقال:
* (اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم) * بعد قوله تعالى * (اقرأ باسم ربك الذي خلق) *.
وأما الرسول (صلى الله عليه وآله) فيكفي ما ورد عنه من أنه في غزوة بدر قد جعل تعليم الكتابة فداء للأسرى، فقد روي عن جابر عن عامر أنه قال: أسر رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم بدر سبعين أسيرا، وكان يفادي بهم على قدر أموالهم. وكان أهل مكة يكتبون وأهل المدينة لا يكتبون، فمن لم يكن له فداء دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة فعلمهم، فإذا حذقوا فهو فداؤه (1).
هذا بالإضافة إلى ما ورد عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): القلب يتكل على الكتابة (2).
وبعد ذلك كله يمكن القول بأن من كان من صحابة النبي (صلى الله عليه وآله) يعرف الكتابة فإنه كان يكتب طبعا ما يسمعه من كتاب الله تعالى، بمقدار ما كانت له به الوسائل والأدوات الكتابية المتوفرة له في ذلك العصر. وقد نقل أنهم كانوا يكتبون على الرقاع والأحجار وعظام الأكتاف وغير ذلك مما هو قابل لأن يكتب عليه.
محل البحث:
ثم البحث هنا ناظر إلى المصاحف التي كتبها الصحابة ونسبت إليهم وسميت بأسمائهم، في العصر الذي كانت فيه المصاحف مختلفة، وهي كتبت قبل عصر عثمان، وذلك كمصحف أبي بن كعب مثلا.
وأما المصاحف التي كتبت في عصر عثمان وبعده فحيث إنها متوافقة من دون