الميزان: ليس استثناء لإخراج بعض أفراد النسيان من عموم النفي، إذ لا معنى لاختصاص هذا الوصف - أعني نسيان أشياء وحفظ أشياء - بالنبي (صلى الله عليه وآله) بلحن الامتنان عليه به، مع كونه مشتركا بينه وبين غيره، إذ أن كل إنسان يحفظ شيئا وينسى أشياء، بل هو استثناء مفيد لبقاء القدرة الإلهية على إطلاقها، بمعنى أن له عز وجل أن يشاء إنساءك متى شاء، وإن كان لا يشاء ذلك فهو نظير قوله تعالى:
* (وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) * (1).
وقوله تعالى: * (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا) * (2).
إلى غير ذلك من الآيات التي يمكن الاستدلال بها للمقام، ونحسب أن فيما ذكرناه كفاية.
إمكان الإسهاء من الله:
هذا، وبعد أن عرفنا ما يقوله القرآن - وقوله الفصل وحكمه العدل - في هذه القضية وفي كل قضية فإن من الطبيعي أن نجد الإمامية متفقين تقريبا في هذه المسألة، حيث إن المعروف بينهم هو عصمة الأنبياء عن النسيان والخطأ، إلا ما نسب إلى الصدوق وشيخه ابن الوليد من تجويزهما الإسهاء من الله، لا السهو الذي يكون من الشيطان، ولعلهم - أي الأصحاب - قد استندوا في قولهم بعصمة الأنبياء عن الذنب والنسيان والخطأ... الخ إلى حكم العقل القاضي بوجوب عصمتهم عن كل رذيلة ونقيصة.
قال المحقق الطوسي في تجريد الاعتقاد: ويجب في النبي العصمة، ليحصل الوثوق، فيحصل الغرض - إلى أن قال: - وكمال العقل، والذكاء، والفطنة، وقوة الرأي، وعدم السهو... الخ.