مناقشة ما قيل:
ولكن هذا مما لا يمكن القبول به ولا المساعدة عليه، لأننا نقول: إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعرف " بسم الله الرحمن الرحيم " من أول أمره وبدء بعثته، لأنه حينما بعث وجاءه الوحي من ربه كان مصدرا ببسم الله الرحمن الرحيم، سواء قلنا إن أول ما نزل هو " إقرأ باسم ربك " أو هو سورة فاتحة الكتاب، أو غيرهما من السور التي قيل إنها أول ما نزل عليه (صلى الله عليه وآله) لأنها كلها مصدرة بالبسملة، كما يشهد له ما بأيدينا من المصاحف الشريفة التي لا شك في موافقتها لمصاحف الصحابة.
خط البسملة والمصحف سواء:
ويلاحظ أيضا أنهم قد كتبوا البسملة بنفس خط المصحف، وأدخلوها في ضمن الأجزاء ولم يميزوا بينها وبين سائر القرآن، وذلك يدل على أنها جزء من السورة كسائر أجزائها، إذ لو كانت خارجة عن السورة وليست جزء منها لمنعوا من كتابتها بخط المصحف، كما منعوا من كتابة ما ليس منه عن أن يكتب بنفس خطه، وذلك كأسماء السور والأعشار والأحزاب القرآنية ونحوها، حيث قد كتبت فوق الصفحات أو في الهوامش، متميزة عن غيرها من الأجزاء القرآنية.
ويشهد لما ذكرناه من جزئية البسملة للسورة وليست للفصل أو التبرك أنهم لم يكتبوا البسملة بين البراءة والأنفال، ولو كانت للفصل أو للتبرك لكتبوها بينهما.
الفاتحة نزلت بمكة:
يضاف إلى ذلك أن الصلاة قد شرعت بمكة في أوائل أمره وبعثته، ولا شك أن الفاتحة جزء منها والبسملة في الفاتحة أيضا، الأمر الذي يدل على أنه (صلى الله عليه وآله) كان يعرف " بسم الله الرحمن الرحيم " من ذلك الحين، كما أنه يدل ضمنا على أن الفاتحة قد نزلت في مكة.
قال بعض المحققين دام ظله: إن الصلاة شرعت في مكة، وهذا ضروري