النبي (صلى الله عليه وآله)، يشير إلى ذلك أيضا قوله تعالى: * (إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون) * (1) ولا يطلق على المعاني المجردة أنها كتاب.
4 - ما سنشير إليه من أن ترتيب الآيات لم يوكل إلى النبي، وإنما كان بتوقيف من جبرئيل له (صلى الله عليه وآله) عليها، فكان يعلمه عند نزول كل آية أين يجب أن توضع، عقيب آية كذا في سورة كذا، فإذا كان الله لا يرضى بترتيب أحد غيره فكيف يرضى أن يجعل ذلك الغير ألفاظ كتابه؟!
بماذا استدل للقول الآخر؟
وبعد كل ما قدمناه يتضح القول الحق في المقام، وأنه من الأمور الواضحة الجلية. والذي دعاني إلى هذا البحث - بالإضافة إلى أن البعض (2) ينقل القول المخالف الذي يفيد أن الألفاظ من النبي أو من جبرئيل، وهو قول في غاية الندرة، ولم يعتن به أحد - هو أن بعض الأساتذة المعروفين قد ذكر هذا الخلاف في درسه، واختار هذا القول النادر، وحاول أن يستدل عليه بما رآه مقنعا في نظره.
وخلاصة دليله ودليل غيره ممن شذ وذهب إلى هذا القول هو قوله تعالى:
* (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين) * (3)، وقوله تعالى * (وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين) * (4).
زعم المستدل أن نزول القرآن على قلب النبي (صلى الله عليه وآله) معناه الإلقاء في القلب، وما يورد على القلب ويلقى فيه وينزل عليه لابد وأن يكون معنى من المعاني، فتكون النتيجة أن الذي انزل على قلب النبي هو معاني القرآن دون ألفاظه، ولكن: