الله سبحانه، ولم يخالف فيه إلا الصدوق محمد بن بابويه وشيخه ابن الوليد قدس الله روحهما... الخ (1).
تصحيح ما نسب إلى الصدوق:
هذا القول - أعني نسبة المخالفة إلى الصدوق وشيخه - صحيح في غير التبليغ، كما اتضح من عبارة الصدوق المتقدمة، وأما في الذنوب الصغيرة والكبيرة وكذلك في نحو التبليغ فلم يخالف فيه أحد الأصحاب، بل كلهم قائلون، حتى الصدوق وشيخه بوجوب عصمة الأنبياء من الخطأ والنسيان، والحق معهم.
ويدل عليه - مضافا إلى ما سبق من حكم العقل والآيات - قوله تعالى:
* (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) * (2).
حيث إن فيه إخبارا من الله تعالى بأن ما قاله النبي (صلى الله عليه وآله) ويقوله - والمتيقن منه هو الآيات القرآنية - ليس إلا وحيا يوحى، وعليه فلو احتمل أنه قد ينسى بعض الآية وقرأ المطلق من دون المقيد والعام من دون الخاص نسيانا وهكذا لا يكون ما نطق به وحيا، لأن ما أوحي إليه ليس هو هذا، وإنما هو شئ آخر.
كما أن الحق معهم لا مع الصدوق بالنسبة إلى سهو النبي في غير التبليغ أيضا، وذلك لحكم العقل المتقدم ووجوب تنزه النبي (صلى الله عليه وآله) عن النقائص. إلى غير ذلك من الأدلة التي لسنا هنا في صدد بيانها وتتبعها.
ومن الواضح أن الصدوق وشيخه إنما ذهبا إلى ما ذهبا إليه - حسب ما بيناه - لما رأوه من الأخبار الواردة في هذا الموضوع، وفاتهما أنها متروكة، لأنها إنما كانت - حسب ما أشار إليه الشهيد في الذكرى وغيره - لمتابعة ما كان مشهورا آنذاك، إذ أن سائر الفرق الإسلامية الأخرى كانت ولا تزال تقول بعدم عصمة الرسل في غير التبليغ.