قومهم لهم بقولهم * (إن أنتم إلا بشر مثلنا) * (1) الدال على أن الهدف هو إثبات الرسالة للرسل. فينكر قومهم عليهم ذلك بحجة أنه لو كانوا رسلا لله لما كانوا بشرا.
تنوع المعجزة:
ويمكننا أن نعتبر أن المعجزة ترجع إلى نوعين:
الأول: ما كان من نوع أمور كانت شائعة في عصر ظهور ذلك النبي، مما كان الناس قد برعوا فيه، واعتبروا أنهم قد وصلوا فيه إلى الغاية القصوى.
الثاني: ما يكون تابعا للأديان في مدى صلاحيتها للبقاء في الأعصار، فإذا كان الدين خاصا بعصر كانت معجزته خاصة بذلك العصر لا تتعداه، وإذا كان مستمرا وخالدا كانت معجزته مستمرة وخالدة أيضا معه.
فأما بالنسبة للنوع الأول فإننا نلاحظ أن ما كان شائعا في عصر موسى هو السحر، إذا فالحكمة تقتضي أن تكون المعجزة في ذلك العصر من النوع الذي ينسجم مع السحر، فكانت عصا موسى - التي ألقاها فصارت ثعبانا يلقف ما يأفكون - من الحبال والعصي التي يخيل أنها تسعى، ثم رجعت العصا إلى حالتها الأولى دون أن يبقى لتلك الحبال والعصي أثر. فعرفوا أن هذا أمر خارق للعادة، وخارج عن قدرة البشر، ولذا فقد سارع السحرة المهرة إلى الإيمان بنبوة موسى، دون أن يلتفتوا إلى تهديدات فرعون لهم.
وقد حكى الله ذلك في كتابه الكريم بقوله: * (وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون) * (2) * (والقي السحرة ساجدين * قالوا آمنا برب العالمين) * (3).
وهكذا الحال في عصر عيسى، الذي مهر الناس فيه في علم الطب، ويقولون:
إن فلسطين وسوريا كانتا مستعمرتين لليونان، وفيهما نزلاء كثيرون، وكان للطب