باتباعه وإتلاف غيره من المصاحف. فلو كان ذلك مضرا لحاول علي (عليه السلام) رفع هذا الضرر والعودة إلى السيرة الأولى.
إرسال المصاحف إلى الآفاق:
ثم إنه لما كتبت المصاحف أمر عثمان بإرسالها إلى الآفاق، إلا واحدا منها أبقاه عنده، ويسمى " إماما ".
قال اليعقوبي: وبعث بها إلى الأمصار، وبعث بمصحف إلى الكوفة، وبمصحف إلى البصرة، ومصحف إلى المدينة، ومصحف إلى مكة، ومصحف إلى مصر، ومصحف إلى الشام، ومصحف إلى البحرين، ومصحف إلى اليمن، ومصحف إلى الجزيرة، وأمر الناس أن يقرأوا على نسخة واحدة (1).
وقال السيوطي: اختلف في عدد المصاحف التي أرسل بها عثمان إلى الآفاق، والمشهور أنها خمسة. وأخرج ابن أبي داود من طريق حمزة الزيات قال: أرسل عثمان أربعة مصاحف، وقال: سمعت أبا حاتم السجستاني يقول: كتب سبعة مصاحف، فأرسل إلى مكة، وإلى الشام، وإلى اليمن، وإلى البحرين، وإلى البصرة، وإلى الكوفة، وحبس بالمدينة واحدا (2).
وقال الرافعي: كانت المصاحف سبعة في قول مشهور - إلى أن قال: - ثم أمر بما عدا ذلك من صحيفة أو مصحف أن يحرق. ولم يجعل في عزيمته تلك رخصة سائغة لأحد. وكان جمع عثمان في سنة 25 للهجرة (3).
وكيف كان، فإن عصر عثمان كان عصر توحيد المصاحف، وكان الصحابة يؤيدون ذلك ويشجعونه، حتى حسمت مادة الخلاف، ولم يترق الأمر إلى الحد الذي ترقى إليه الخلاف في قدم القرآن وحدوثه، حيث كفرت كل من الطائفتين الطائفة الأخرى، وتسبب ذلك في سفك الدماء، وكثيرا من المحن والإحن.