وأجيب عنه بأن الحسن والقبح في الأشياء ليسا ذاتيين دائما، بل ربما كانا بالوجوه والاعتبارات، فيكون الشئ الواحد ذا صلاح في زمان وقبيحا وذا فساد في آخر، وذلك مثل شرب الأدوية وأكل الأغذية الذي قد يكون فيه مصلحة في زمان ومفسدة في آخر، وموارد النسخ من هذا القبيل.
واستدل المحيلون للنسخ أيضا بأن إزالة الحكم الثابت يستلزم البداء الناشئ عن الجهل، كما يشاهد في العباد الذين ربما يرون في بعض الأشياء مصلحة فيأمرون به، ثم يرون أنهم اشتبهوا وأنه كان فيه مفسدة فينهون وينسخون. وأما الباري تعالى فلا يتصور فيه البداء لأنه بكل شئ عليم.
وأجيب بأن النسخ إذا كان من الله فليس رفعا بل دفع، وليس بداء بل إبداء منه تعالى، بأنه قد انقضى أمد حكم كان يظهره الله على حد الدوام لمصلحة يراها جل جلاله.
هذا بالإضافة إلى وقوع النسخ في العهدين، حسب ما جاء في بعض الكتب العلمية (1).
أقسام النسخ ومحل البحث منها:
هذا وقد ذكروا للنسخ أقساما ثلاثة، فإنه:
1 - تارة يقع على التلاوة للآيات.
2 - واخرى عليها وعلى الحكم الذي دلت عليه.
3 - وثالثة يقع على الحكم فقط، وهذا هو المهم في بحثنا هنا. فلنذكر الآيات التي ادعي نسخها، ونذكر ما قيل أو ما ينبغي أن يقال فيها.
وقبل ذلك لا بأس بالإشارة إلى أمر مهم، وهو أن الاستثناء أو التخصيص أو الغاية إذا حصلت فليست نسخا، ولعل الأمر قد اشتبه على من أكثر في موارد النسخ، حيث ذكر موارد لا تدخل تحت النسخ، أو لعله جرى في ذلك على