ولعل ما عن الشريف المرتضى علم الهدى (قدس سره) من أن الآية تدل على أن النبي لم يكن يحسن الكتابة قبل النبوة، وأما بعدها فالذي نعتقده أنه يجوز عليه أن يكون عالما بها وبالقراءة، ويجوز كونه غير عالم بهما، من دون قطع بأحد الأمرين (1) صحيح ولا بأس به.
دعوة الإسلام إلى محو الأمية:
ثم إنه لا يخفى أن الإسلام حينما ظهر في الجزيرة العربية لم يدخر وسعا ولم يأل جهدا في الحث على تعلم الكتابة، ويكفي أن نذكر أن الله تعالى يقول في كتابه المجيد: * (ن والقلم) * أي ما يكتب به * (وما يسطرون) * أي ما يكتبونه. فقد أقسم سبحانه بالقلم، فيا للقلم من العزة والعظمة والمجد، حين يقسم الله ويمجده، حيث إنه أحد لساني الإنسان.
وقال تعالى: * (اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم) * لتبقى العلوم، ولتنتقل إلى الأجيال التالية، لتستفيد منها باستمرار وكفى القلم شرفا وعظمة أن الله تعالى ذكر بعد نعمة الخلق نعمة القلم مباشرة.
وأما الرسول فيكفي أن نذكر موقفه في غزوة بدر، والذي يكشف عما كان للكتابة لديه من أهمية بالغة، فقد روي عن جابر عن عامر، قال: أسر رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم بدر سبعين أسيرا، وكان يفادي بهم على قدر أموالهم، وكان أهل مكة يكتبون وأهل المدينة لا يكتبون، فمن لم يكن له فداء دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة فعلمهم، فإذا حذقوا فهو فداؤه (2).
وهكذا، فقد جعل (صلى الله عليه وآله) الكتابة فداء للأسارى وعدلا للحرية، وهذا إعلام صريح منه (صلى الله عليه وآله) بعظمة القلم وشرف الكتابة.
وقد نقل أنه (صلى الله عليه وآله) قال للشفاء بنت عبد الله العدوية - من رهط عمر بن